الديوانيَّة.. واقع خدمي يفرض التساؤلات
عباس رضا الموسوي
رغم التشخيص السائد للواقع الخدمي في محافظة الديوانية بكونه مترديًا، غير أن الأمطار الغزيرة التي هطلت قبل اسبوعين كانت كفيلة بكشف حقيقة مفادها، بأن الخدمات في محافظة الديوانية معدومة بشكل يثير الدهشة، خصوصا بعد أن أجبرت حكومتها المحلية على تعطيل الدوام الرسمي لأربعة أيام متتالية، رغم المساندة التي تمثلت بجهد وآليات بغداد وكربلاء وبابل، وهذا الامر زاد من تساؤلات المواطنين حول ما تعلن عنه الدوائر الخدمية باستمرار من تنفيذ حملات موسعة، وانشاء مشاريع جديدة وغيرها من دعاية اعلامية فشلت في أول تحد لها، حيث غرقت الساحات العامة والشوارع الرئيسة والفرعية، وانقطعت المناطق السكنية عن بعضها البعض.
مناطق تفتقر للخدمات
لقد شهدت بعض مناطق مركز محافظة الديوانية، خصوصا ذات الكثافة السكانية العالية مشكلات خدمية كبيرة، بسبب افتقارها إلى توفر المشاريع المتعلقة بالبنية التحتية، اذ يقول نائب اتحاد الصحفيين في محافظة الديوانية جاسم الشامي: إن العديد من الأحياء الشعبية تعاني بشكل واضح من سوء الخدمات، بسبب الاهمال الذي لحق بها منذ سنوات طويلة وغياب الرقابة، التي هي أساس النجاح، إضافة إلى عدم توفر مشاريع البنية التحتية، وهذا أثر سلبا في حياة المواطنين وبات شغلهم الشاغل، مضيفا "إن البعض من الاحياء السكنية ذات الكثافة السكانية العالية تكاد تكون الخدمات الاساسية فيها معدومة، حيث انقطاع التيار الكهربائي وشح توفر الماء الصالح للشرب، وعدم وجود شوارع مبلطة، وتكدس أكوام النفايات، وانقاض البناء، وانتشار العشوائيات وسطها وغير ذلك من ملامح الانهيار الخدمي، ومثال ذلك المنطقة الثالثة والرابعة من حي الصدر وحي الجلبية ومحيط مركز المحافظة وغيرها من مناطق سكنية تشكو الاهمال.
الديوانية تغرق
لقد غرقت أغلب الاحياء السكنية في مركز محافظة الديوانية في الاسبوع الاخير من شهر آذار الماضي، وسط ذهول المواطنين الذين لم يصدقوا ما يرونه من دمار، حيث راحت الامواج التي سببتها الامطار الغزيرة تدخل في غرف النوم، وتطوف بحرية تامة باقي ارجاء المنزل، يقول حيدر الموسوي: لقد غرق منزلنا الواقع في الحي العسكري - المنطقة الثانية - وبعد فشل محاولاتنا بالسيطرة على المياه، التي دخلت علينا فجأة من الشارع قررنا الهروب إلى سطح المنزل (البيتونة)، مشيرا إلى أنه شعر بمزيد من الحزن، عندما راح ينظر إلى صالة المنزل المؤلف من طابق واحد، وقد طفت فيها اشياء الاسرة، وتمنى في تلك اللحظة أن يحال كل الفاسدين على القضاء لينالوا عقابهم العادل.
اما المواطن عادل عطشان الذي يسكن في منطقة المشروع فيقول: لقد غرقت الكثير من المنازل في منطقتنا، ما اضطرنا إلى ترك الطابق السفلي والانتقال إلى الطابق الثاني، كون المياه التي تدفقت من الشارع إلى المنازل لم يكن بمقدورنا التصدي لها.
مشكلة مديري الدوائر
ولأن مدير الدائرة الخدمية يعدُّ المسؤول الأول عن تقديم الخدمات من عدمه، فإن المواطن يحمله المسؤولية الكاملة عن اداء العمل في دائرته، اذ يقول المواطن أحمد عبد الامير الجابري: يفترض أن يتم استبدال مديري الدوائر الخدمية، التي ثبت أنها وراء انهيار قطاع الخدمات في محافظة الديوانية، خصوصا أن اغلب هذه الدوائر، ما زالت تعج بالروتين الاداري والاهمال في اداء العمل، وهذا من مظاهر الفساد الذي يتوجب مواجهته، مشيرا إلى "ضرورة فرز ومحاسبة المسؤولين المقصرين، اذا كانت فعلا هناك ارادة لدى الحكومة المحلية بإجراء إصلاح في القطاع الخدمي، الذي بات حديث الشارع بسبب حفنة من الفاسدين".
بدوره يقول المواطن عباس شريف: إن واقع الخدمات في المنطقة، التي اسكنها لا يختلف عن واقعه في المناطق الاخرى، والسبب يعود للفساد المالي والاداري للمسؤولين القائمين على الدوائر الخدمية، مبديا استغرابه من عدم استبدالهم، رغم صراخات المواطنين وخراب الخدمات.
تفعيل الدور الرقابي
إنَّ لغياب الرقابة في مختلف جوانب الحياة أثره السلبي، كون هذا الغياب ينتج عنه جملة من الظواهر المخلة، منها انتشار الفساد واتساع رقعة الاهمال وضعف الاداء الوظيفي، وغيرها من مشكلات يدفع ثمنها المواطن وحده، لذلك يقول مدير اعلام محافظة الديوانية علاء البصري: إن اهم الاجراءات التي ركز عليها المحافظ الجديد ميثم الشهد تجسدت بتفعيل العمل الرقابي، ومتابعة الاداء في مختلف الدوائر والمؤسسات الحكومية لما للرقابة من دور فعال في النهوض بواقع القطاع المختلفة، مشيرا إلى اجراءات اتخذت خلال الاسبوع الاول من تسنم المحافظ مهام عمله، تمثلت باستبدال بعض مديري الاقسام في ديوان المحافظة، وبعض مديري الدوائر الحكومية، ما يدل على وجود الرغبة لتصحيح الأخطاء، التي تراكمت منذ فترة طويلة كاشفا عن وجود عشرات المشاريع الخدمية، التي من المؤمل تنفيذها خلال العام الحالي، يقع أغلبها في مجال البنية التحتية، خصوصا أن هناك مشاريع ما زال العمل بها مستمرا، واخرى تمت إحالتها للتنفيذ.
فتح ملفات الفساد
إن محاسبة المفسدين ضرورة ملحة في حال اردنا تحقيق خدمات حقيقية توفر الراحة للمواطنين، وترفع عنهم عن كاهلهم العناء، خصوصا أن استشراء الفساد الاداري والمالي بات السبب الرئيس للمشكلات، التي يعاني منها المواطن، خصوصا في مجال تحسين مستوى الخدمات والمعيشة، ويقول محافظ الديوانية المهندس ميثم عبد الاله الشهد: إن الحكومة المحلية عازمة على فتح ملفات الفساد الإداري والمالي في مختلف مجالات العمل، ومحاسبة المسؤولين عن الفساد، لأن المشكلات الخدمية التي تعاني منها مختلف مناطق المحافظة تقف خلفها شبهات فساد واهمال وتلكؤ، مشيرا إلى أن ادارته، ورغم قصر عمرها الذي لا يتجاوز الشهرين تمكنت من استبدال العديد من المديرين، وشرعت بفتح ملفات فساد تتعلق بتنفيذ المشاريع الخدمية ومراحل تنفيذها، حيث كان آخرها مشاريع تأهيل مداخل المحافظة الرئيسة، ومنها مشروع مدخل قضاء الشامية، مؤكدا عزم إدارته المضي قدما في فتح الملفات وعدم التهاون مع كل من تسبب بهدر المال العام.
وفي مجال كيفية تحسين الخدمات التي تقدمها بلدية الديوانية، خصوصا أن اغلب مناطق مركز المحافظة تعاني من الاهمال طيلة السنوات الماضية قال الشهد: لقد اتخذنا حزمة من الاجراءات التي تصحح مسار العمل في مديرية بلدية الديوانية، ومنها اطلاق حملة موسعة، تعنى باتمام معاملات المواطنين دون تاخير، وتنفيذ حملات جهد ذاتي لرفع مستوى الخدمات في مختلف المناطق السكنية، ورفع التجاوزات الموجودة في الاسواق، موضحًا أن الاجراءات جعلته يحقق زيارات مفاجأة لمديرية البلدية وقضاء ساعات داخل المبنى للاطلاع على سير العمل.
وبخصوص المشاريع الخدمية المستقبلية، التي تساعد على تحسين مستوى الخدمات، يقول محافظ الديوانية: إن ادارته باشرت إحالة عدد من المشاريع في قطاعات الماء والكهرباء والبلديات والطرق والجسور، مشيرا إلى نية الحكومة المحلية تنفيذ مشاريع جديدة ضمن الأمن الغذائي تتعلق بالبنية التحتية.
اما بخصوص غرق بعض الاحياء السكنية نتيجة الأمطار التي هطلت موخرا فيقول المحافظ: إن ادارته شكلت لجنة عليا لمواجهة الامطار الغزيرة، وتمكنت رغم التحديات الناتجة عن سوء المشاريع الخدمية وقلتها من تقليل الاضرار، منوها باستنفار عاشته الدوائر الخدمية طيلة الفترة الماضية، من أجل التخفيف عن المواطنين.