تسوي وي سفير جمهورية الصين الشعبية لدى جمهورية العراق
يصادف شهر أغسطس القادم الذكرى الـ65 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين الصين والعراق.
تربط بين البلدين صداقة تقليدية عميقة، وتضرب جذور التبادلات الودية بينهما في أعماق التاريخ، وكان طريق الحرير القديم يربط شعبيهما منذ القدم. في العصر العباسي، كانت البضائع الصينية تدخل إلى بغداد عبر ميناء البصرة على طول نهر دجلة تجلب الاختراعات الأربعة للصين وهي صناعة الورق والبارود والطباعة والبوصلة، بالإضافة إلى الحرير والخزف والشاي إلى المنطقة العربية.
في المقابل، دخل علم الفلك والتقويم والطب والتوابل والفنون العربية وغيرها إلى الصين عبر طريق الحرير.
إن روح طريق الحرير المتمثلة في التعاون السلمي والانفتاح والتسامح والاستفادة المتبادلة والمنفعة المتبادلة والكسب المشترك تندمج فيها حكمة ومساهمات للحضارتين الصينية والعربية، وما يجلبه طريق الحرير للصين والعراق هو ذكريات دافئة وصداقة وتعاون امتد إلى يومنا هذا.
في يوم 25 أغسطس عام 1958، تأسست العلاقات الدبلوماسية بين الصين والعراق الذي يعد من أوائل الدول العربية التي أقامت العلاقات الدبلوماسية مع الصين الجديدة.
منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية بينهما، ظل البلدان يتبادلان الفهم والثقة الدعم لبعضهما البعض.
في عام 1971، عندما كانت الأمم المتحدة تمرر مشروع القرار بشأن استعادة المقعد الشرعي لجمهورية الصين الشعبية، كان العراق يصوت لصالحه.
في يوليو عام 2004، أعيد فتح السفارة الصينية في العراق.
في أكتوبر من ذات العام، تبادل البلدان إرسال السفير إلى بعضهما البعض.
في ديسمبر عام 2014، افتتحت القنصلية العامة الصينية لدى أربيل.
في ديسمبر عام 2015، أصدر البلدان بيانا مشتركا يعلن عن إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية، مما سجل صفحة جديدة للصداقة الصينية العراقية.
منذ عام 2003، أحرزت العلاقات الصينية العراقية تقدما كبيرا، حيث تعززت الثقة السياسية المتبادلة باستمرار وتعمقت الصداقة التقليدية باطراد.
بقي قادة البلدين على تواصل وثيق من خلال اللقاءات والمكالمات الهاتفية وتبادل بعث الرسائل، وتبادلت مختلف المؤسسات والأحزاب السياسية والتجمعات المدنية للبلدين الزيارات فيما بينها بشكل مكثف، إذ قام كل من الرئيس العراقي آنذاك جلال طالباني ورئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي ورئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي ورئيس الوزراء آنذاك عادل عبد المهدي بزيارة الصين على التوالي، وقام كل من وزير الخارجية الصيني آنذاك وانغ يي ومستشار الدولة آنذاك يانغ جيتشي ونائب رئيس الجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب تشن تشو بزيارة العراق على التوالي.
في ديسمبر عام 2022، التقى الرئيس شي جينبينغ برئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني أثناء حضوره القمة الصينية العربية الأولى، حيث توصل قيادتا البلدين إلى توافق مهم حول تعميق التبادلات الودية والتعاون بين الصين والعراق في كافة المجالات، الأمر الذي قدم إرشادا استراتيجيا قويا للعلاقات الثنائية.
أشار الرئيس شي جينبينغ إلى أن الجانب الصيني يقدر الدعم الثابت والدائم الذي يقدمه الجانب العراقي للجانب الصيني في القضايا المتعلقة بالمصالح الجوهرية للصين، وسيواصل الجانب الصيني تقديم الدعم الثابت للجانب العراقي في الحفاظ على سيادته واستقلاله وسلامة أراضيه، ويدعم تعزيز التضامن والتعاون فيما بين مختلف الأطراف العراقية.
إن الجانب الصيني على استعداد لتضافر الجهود مع الجانب العراقي لمواصلة تعميق علاقات الشراكة الاستراتيجية بين الصين والعراق.
من جانبه، قال رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني إن التبادلات بين الحضارتين العراقية والصينية يعود تاريخها إلى ما قبل آلاف السنين، وإن الصين صديق خاص للعراق لما يربط بين البلدين من علاقات الصداقة المتينة.
يحرص العراق أن يكون شريكا مهما للصين في دفع بناء “الحزام والطريق”، كما يحرص على تعزيز التواصل والتعاون مع الجانب الصيني في مجال مكافحة الإرهاب ونزع التطرف.
تبادلت الصين والعراق الدعم لبعضهما البعض في المجالات الدولية والمتعددة الأطراف.
يدعو الجانب الصيني في مجلس الأمن للأمم المتحدة المجتمع الدولي إلى ضرورة مساعدة العراق بنشاط في إعادة بناء البنية التحتية وتسريع النمو الاقتصادي وتعزيز رفاهية الشعب، ومواصلة دعم العراق في مكافحة الإرهاب.
كما تدعم الصين العراق لتطوير علاقات حسن الجوار مع دول المنطقة.
في المقابل، تعرب مختلف أوساط العراق عن دعمها وتجاوبها الإيجابيين لمبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية، وتشارك في دفع بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية.
إن الصين والعراق صديقان حميمان وشريكان عزيزان، وكلاهما تنتمي إلى الدول ذات الحضارة العريقة والدول النامية.
يولي الجانب الصيني اهتماما بالغا لتطوير العلاقات مع العراق، وسيسعى بثبات لتطوير الصداقة الصينية العراقية ويدعم الجانب العراقي في الحفاظ على سيادته واستقلاله وسلامة أراضيه ومكافحة الإرهاب، ويرفض أي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية للعراق، ويدعم الجانب العراقي في سلك طريق التنمية الذي يتناسب مع ظروفه الوطنية، ويقدر جهود الجانب العراقي في تعزيز أمن واستقرار المنطقة، ويدعم العراق ليلعب دورا إيجابيا في الشؤون الإقليمية.
في الوقت الحالي، تعمل الصين على دفع النهضة العظيمة للأمة الصينية على نحو شامل بالتحديث الصيني النمط، وستوفر التنمية الجديدة للصين فرصا جديدة للمجتمع الدولي بما فيه العراق.
إن الجانب الصيني على استعداد لبذل الجهود المشتركة مع الجانب العراقي لاغتنام فرصة الذكرى الـ65 لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين البلدين من أجل حسن تنفيذ كافة نتائج القمة الصينية العربية الأولى ولقاء قيادتي البلدين، والاستمرار في دفع بناء “الحزام والطريق” بجودة عالية، والعمل يدا بيد على خلق مستقبل أكثر إشراقا لعلاقات الشراكة الاستراتيجية الصينية العربية.