الملك تشارلز يدعم البحث في تجارة العبيد

بانوراما 2023/05/02
...

 آمنا محدين ومايا وولف روبنسون

 ترجمة: حميد ونيس 

للمرة الأولى في تاريخ العائلة البريطانية المالكة، يشير الملك تشارلز إلى دعمه للبحث في العلاقة التاريخية للنظام الملكي البريطاني مع العبودية عبر المحيط الأطلسي، وذلك بعد ظهور وثيقة تتحدث عن حصة اسلاف العائلة المالكة في شركة لتجارة الرقيق.

واصدر قصر باكنغهام بيانا أعلن فيه دعمه إنجاز بحث معمق حول التاريخ  الواسع لمشاركة الملوك البريطانيين السابقين واستثمارهم في استعباد الشعب الأفريقي.


فقد نشرت وثيقة لم يسبق لها مثيل تظهر انه في العام 1869 تم نقل ألف جنيه إسترليني من أسهم الشركة الملكية الأفريقية لتجارة الرقيق إلى الملك وليام الثالث، من طرف إدوارد كولستون، نائب مدير الشركة وأحد رموز تجارة العبيد (هو تاجر رقيق إنكليزي فاحش الثراء عاش في القرن السابع عشر، كان شريكا في الشركة الإفريقية الملكية التي كانت تنقل الأفارقة إلى أمريكا للاتجار بهم واستعبادهم- المترجم )، ولم يعلق قصر باكنغهام على الوثيقة لكنه قال إنه يدعم مشروعا بحثيا، تشارك فيه "هيئة القصور الملكية التاريخية" التي تدير العديد من القصور، في مشاركة العائلة المالكة في تجارة الرقيق. وقد رحب المؤرخون المتخصصون بحذر ببيان القصر لكنهم قالوا إن هناك الكثير مما يجب القيام به فيما يتعلق بدور اسلاف العائلة المالكة والذي استمر قرونا في استعباد الشعب 

الأفريقي. 


دول الكومونولث

وقال المتحدث الرسمي باسم القصر: "هذه قضية يأخذها جلالته على محمل الجد. إذ كان قد ابلغ رؤساء حكومات الكومنولث في رواندا العام الماضي بالقول: "لا يمكنني وصف أعماق حزني الشخصي على معاناة الكثيرين، حيث أواصل تعميق فهمي للتأثير الدائم للعبودية". واشار المتحدث الرسمي ان مبادرة الملك "انطلقت بقوة وتصميم منذ ارتقاء جلالته العرش". وذكر أن  هيئة القصور الملكية التاريخية هي شريك في مشروع بحثي مستقل، بدأ في تشرين الأول من العام الماضي، يستكشف، من بين قضايا أخرى، العلاقة بين اسلاف العائلة المالكة وتجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي خلال أواخر القرنين السابع عشر والثامن عشر.

يذكر أنها المرة الأولى التي يذكر فيها قصر باكنغهام علنا أنه يدعم مثل هذا البحث في تاريخ العائلة المالكة المقلق.

وكان عدد من الناشطين البريطانيين قد قاموا باسقاط تمثال كولستون وإلقائه في ميناء بريستول البريطاني مسقط رأسه في العام 2020 احتجاجا على تاريخه الطويل في تجارة العبيد. وقالت الصحف انه تم العثور على الوثيقة التي تسجل نقل حصة كولستون إلى ويليام الثالث وسط المحفوظات من قبل الدكتورة بروك نيومان، المؤرخة في جامعة فرجينيا كومنولث، خلال رحلة بحثية إلى لندن مطلع هذا العام.

وتستعد بروك لتأليف كتاب بعنوان "صمت الملكة" يتحدث عن تورط اسلاف العائلة المالكة في تجارة العبودية. ونقل عن الباحثة بروك قولها إن: "ليس هناك شك في أن قرون الاستثمار في العبودية الأفريقية، وتجارة الرقيق، ساهمت بشكل كبير في بناء مكانة العائلة المالكة اليوم وهيبتها وثروتها، وجنت الأرباح من تجارة الرقيق، ومن الصناعات المبنية على عمل المستعبدين، لتمويل توسيع الإمبراطورية، والتي كونت المزيد من الثروة لبريطانيا وعائلتها المالكة."  واشارت بروك إن نقل كولستون الف جنيه إلى الملك قدم "أدلة واضحة" على المشاركة المركزية لأسلاف العائلة المالكة البريطانية في تجارة الرقيق، وأهمية العبودية لثروة النظام 

الملكي. وسبق أن أعرب الملك تشارلز في السابق عن الأسف على المعاناة التي ألحقتها العبودية، واصفا إياها بأنها "فظائع مروعة" عندما زار حصن عبودية سابق في غانا في تشرين الثاني من العام  2018. وخلال خطابه الذي ألقاه أمام دول الكومنولث في رواندا منتصف العام الماضي، قال تشارلز إنه يجب إيجاد طرق "للاعتراف بماضينا"، بما في ذلك العبودية، التي وصفها بأنها "الفترة الأكثر إيلاما".

ومع ذلك، فقد تعرض لانتقادات من قبل النشطاء، بما في ذلك ممثلو بلدان منطقة البحر الكاريبي حيث أجبر المستعبدون على العمل في المزارع المملوكة لبريطانيا لأجيال، لتعبيره عن الحزن العمومي فقط، وعدم الاعتراف صراحة بدور العائلة المالكة بتلك المآسي.

ويذكر ان مجلس أبحاث الفنون والعلوم الإنسانية، المشرف على البحث بالتعاون مع هيئة القصور الملكية من المقرر أن يكتمل بحلول العام 2026.

ومن جانب اخر رحب إريك فيليبس، نائب رئيس لجنة تعويض "كاريكوم"، بدعم الملك للبحث، لكنه قال إن تشارلز يجب أن يعترف الملك الآن بمشاركة اسلاف العائلة المالكة بتلك الفظائع. وتمثل لجنة التعويض 20 دولة كاريبية ضمن الدول التي استعبدت شعوبها من قبل القوى الأوروبية للعمل في المزارع. 


دور ملكي أكبر

وقال فيليبس: "اعتقد أن الملك تشارلز يعرف ما يكفي للاعتذار، علما أن العام  2026 على بعد عدة سنوات وأن مسألة التعويضات تكتسب زخما فقط، ويجب على الملك تشارلز إشراك لجنة التعويضات باجراءات خاصة لتقدير آثار وإرث تجارة الرقيق بشكل كامل وإيجاد حلول عملية لتحقيق العدالة التعويضية."

وقال البروفيسور ويليام بيتيغرو، الباحث الرئيسي لمشروع سجل تجار الرقيق البريطانيين، الذي يقوم بجمع مصادر لقصص كاملة عن مشاركة بريطانيا في تجارة العبيد عبر المحيط الأطلسي، إنه يرحب باعتراف الملك البريطاني بأهمية هذا النوع من الأبحاث. واضاف: "ومع ذلك، فقد بدأت المؤسسات الوطنية الرئيسية الأخرى نفسها وتكليف وتمويل تحقيقات كبيرة في مشاركتها الخاصة في هذا التاريخ". 

وقالت المؤرخة نيومان: "هذا تطور مثير للاهتمام، ولكن التحقيق الكامل في مشاركة اسلاف العائلة المالكة الواسعة التي استمرت قرونا في تجارة الرقيق والعبودية عبر المحيط الأطلسي، والثروة الملوك المتعاقبين المتراكمة منها، سيحتاج إلى فريق من الباحثين ومحاسبي الطب الشرعي، مزودين بمصادر كاملة".

وذكر العديد من الباحثين : "مثل هذه الخطوة يمكن أن تلهم حقا الملايين من المواطنين البريطانيين والمواطنين في جميع أنحاء دول الكومنولث"، مضيفة: "أنها لحظة مهمة تفكر فيها المؤسسات البريطانية والشعب البريطاني نفسه في تأثير العنصرية التاريخية في هذا البلد والفروق الدقيقة وإرثها المستمر، والاستمرار في اتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة عواقبها على جميع المستويات".


صحيفة ديلي تلغراف البريطانية