أشادت المرجعية الدينية العليا، بتضحيات العراقيين في مواجهة عصابات "داعش" الارهابية، مؤكدة أن "التاريخ لم ولن ينسى تلك التضحيات في مواجهة الإرهاب"، كما دعت "الجميع سواء أكان شعباً أم حكومة أم منظمات الى عدم نسيان تلك الدماء التي أريقت على هذه الأرض الطاهرة؛ إكراماً لهم"، جاء ذلك خلال خطبة الجمعة التي ألقاها ممثل المرجعية السيد أحمد الصافي من الصحن الحسيني الشريف بكربلاء المقدسة في الذكرى الخامسة لفتوى المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني "الجهاد الكفائي".
وقال السيد الصافي: "قبل خمس سنوات ومن هذا المكان المبارك وفي يوم الرابع عشر من شهر شعبان صدرت تلك الفتوى المباركة من المرجعية الدينية العليا لغرض محاربة داعش"، وأضاف، ان "البلد تارة تمر به أمور مختلفة منها اقتصادية أو اجتماعية أو تكنولوجية، وتارة تمر به أمور تريد أن تهلك الحرث والنسل".
وأشار إلى أن "الاختبار الحقيقي يظهر إذا تعرضت البلاد الى ما تعرضت له سابقاً"، مبيناً أن "التجربة التي مر بها البلد هي محل فخر واعتزاز لكل السواعد التي قاتلت، وإن التاريخ لم ولن ينسى تلك المواقف بشرط أن تكتب
بأيديكم". وبين ممثل المرجعية، أن "هؤلاء الملبين (لفتوى الجهاد الكفائي) يمثلون ظاهرة حضارية قوية حيث تمتعوا بالبسالة والغيرة والشجاعة والحمية للدفاع عن بلادهم أفضل دفاع يمكن أن يسطر بالعصر الحديث مع قلة الامكانات والموارد، لكنهم اندفعوا كالسيل الهادر لإيقاف ما يسمى بداعش"، وأوضح، أن "هؤلاء الفتية الشباب الذين تربوا في هذه الارض تربية صالحة، من ورائهم الأب والمعلم الذي دفعهم لذلك والحليب الطاهر من أمهات أرضعنهم لبناً طاهراً حتى يوفوا بهذا اللبن في وقت المحنة".
ودعا السيد الصافي، "الجميع سواء أكان شعباً أم حكومة أم منظمات الى عدم نسيان تلك الدماء التي أريقت على هذه الارض الطاهرة، إكراماً لهم"، وطالب بضرورة توثيق الموقف الذي تبع إصدار الفتوى حينما لم تستطع الجهات المعنية السيطرة على الاعداد الغفيرة التي هبت من لحظتها، مشيراً الى أن "استذكار هذه الظاهرة عند مرقد الامام الحسين "عليه السلام" يمثل تسجيل موقف عرفان وشكراً للملبين والمضحين".
وجدد الصافي، تأكيد الوصف الذي وصفت به المرجعية الملبين لفتواها، قائلاً: "إنهم فخرنا وقدوتنا وأناسنا وليس لنا فخر نفتخر به إلا هؤلاء، فهنيئا لهم ولأهاليهم وعشائرهم ولأمهاتهم"، مشيراً إلى أن "الأمثلة التي سطرها الأبطال تمثل تجربة عملية للتربية الصالحة"، وإنه "لا توجد هنالك أمثلة بعد الامثلة التي سطروها، بل أصبحنا لا نحتار ولا نحتاج الى أمثلة لتسعفنا لأن هناك شهودا".
وفي جزء آخر من خطبته، دعا ممثل المرجعية الدينية العليا الى ضرورة توفر الأسس العامة للتربية الصحيحة في المجتمع، وقال الصافي: إن "هذه الأسس تتأثر سلباً أو إيجاباً بحضارة البلد"، لافتا الى أن "غياب الرؤية التربوية الصحيحة تؤدي الى الفوضى".
ودعا السيد الصافي الى "ضرورة تعزيز احترام البلد من خلال الثقة بالنفس والهمة"، مبينا أن "حب البلد من الفطرة وإن الانسان يفطر على حب بلده ويتربى على ذلك منذ طفولته"، مشيراً الى أن "هناك جرحا كبيرا بخصوص محبة
البلد".
وأوضح، أن "الذي يحب بلده وفي حال تصديه لموقع إداري أو سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي سيختصر الطريق ولا يحتاج للتوجيهات والكلام لأنه يسعى للحفاظ على بلده من كل نتوء زائد"، مردفاً أن "المحب لبلده لا يحتاج أن تنصحه وتبين له خطورة الرشوة لأنه سيبتعد عنها بدافع المحبة قبل الوازع الديني، لأنه يرى أن الرشوة ستنخر بلده"، ورأى ممثل المرجعية الدينية العليا أن "على الجهات صاحبة القرار الالتفات لذلك من خلال الالتزامات التي تقع على عاتقها سواء أكانت جهة اجتماعية أو أسرة أو دولة أو منظمات".