عزيز السماوي شعرية التجربة وانعطافاتها

ثقافة شعبية 2023/05/04
...

 سعد صاحب 

قصيدة عزيز السماوي عمل شعري أصيل، وليست كتابة عادية ساذجة، خالية من الفن المطلوب لديمومتها، وانما هي جوهر وروح وكيان ووجود ، نتعاطف معه بمشاعر جياشة وانفعالات محايدة، مصحوبة بالفرح والدهشة والهزة والاستمتاع والانبهار، وهي حرة مواكبة للتطور، وشجاعة متحررة من الركود القاتل، المسبب للتراجع والانسحاب والجمود والضيق .

(ويطفه بعيوني النهار / واتموع الليالي البيض / من زخ المطر اسرار / تجري انهار كلها اسرار / ما ادري لوين اتريد ). 

لغة شاعرية 

شعر خالص يحتفي بالمتخيل الجديد، واللغة الشاعرية المحكمة البناء والتركيب والاضمار والمعاني المتشعبة، يرافقها الفضاء البصري الصادم ، والشكل الهندسي الباهر، وتداخل الصور المركبة وقوة التنوع الدلالي، وتفاعلها الحقيقي بالهم المرتبط بالإنسان، والقضايا الفكرية المعاصرة، ومع كل جمالياتها الناضجة تبقى شعبية المحتوى، تعلن موقفها الواضح من السياسة والتاريخ والفن والعلم والحضارة .( سولف واطرد الوحشه بعيد / غفوة عيونك حجي / اجيسك والسوالف ناعمه الحد البجي / واترس كليبي فرح / انته الفرح سكته وحجي ). 


مفاهيم 

كتابات واعية عميقة الرؤى والتصورات والافكار والمفاهيم، لا تهتم بالحدث الآني الزائل، البسيط في مستواه الاحتفالي البهيج المباشر، المتقوقع على نفسه خلف باب مغلق .

حدث واحد ثابت لا يتجدد ولا يقبل التغيير، ساكن مثل مسمار في مكانه، يشير إلى الماضي وانتصاراته وانكساراته وجنونه وجموحه، بينما الحاضر غائب والمستقبل مجهول ، ولذلك تبقى تلك القصائد مهملة في خانة النسيان ، لانها جامدة والشعر في حركة مستمرة .( المن كل نعاس البيك / اسير للنجوم الوان / 

ايتلكاني الصبح سكران / واجي ابلون الشمس اسود ). 

تأسيس 

الشاعر عزيز السماوي برفقة أبناء جيله المتمردين على القديم، لاسيما علي الشباني وطارق ياسين وشاكر السماوي وكريم محمد، والكثير من الأسماء الأخرى ، كانوا يبحثون عن طرائق حداثية لكتابة القصيدة، تكون أكثر قدرة للتعبير عن ما يجول بأرواحهم القلقة، فكان التأسيس الجاد المقترن بالضوابط الابداعية الصارمة،  وليس اعتباطيا بلا فهم ولا رؤية ثاقبة، وبلا إضافة مدروسة نافعة، مرتبطة بشروط منهجية للتعامل مع الشعر، اما التجريب العشوائي فلا فائدة منه مطلقا .( تكبر الوحشه واجيك / تخضر الكمره واجيك / جفوفي بالكمره نزيف / وصار تاريخك مسافه / خطوه والشبكه مضيف ). 


انفعال 

تختلف حالة الانفعال من شخص إلى اخر ، فهناك من ينفعل ذوقيا مع العمل الفني، سواء كان لوحة او رواية او كتاب سيرة،  او مجموعة شعرية تحفل بالرموز والاحالات والجمل المعقدة والاساطير والخطوط والألوان واللوحات الداخلية والخبرة، وهناك من يرى في القصيدة ذاته الهائمة، او يتجاوب معها ثقافيا او سياسيا او انسانيا او معرفيا او مناطقيا، او هو يتناغم لما يصبو اليه من حراك، والمهم انصاف المنتج الادبي بكل شفافية وحياد .( لو جاهه الحلم خطار تظن بيها الصبح يحلم / واديرن وجهي بجفوفك / تعرك عيوني وتصير الظلمه مهر اسود / يركض الشمس الصبح خاف الخجل 

يبرد ).