قداسة المُهمَلْ

ثقافة شعبية 2023/05/04
...

كاظم غيلان 



تزخر أيامنا بمفارقات عجيبة غريبة تعطينا حقيقة وجوهر طبيعة مجتمعنا التي شغلت دراسته عالمنا الراحل علي الوردي، ولربما فاته الكثير ( لو) بقي ليومنا هذا .

برغم مافي عالم التواصل الاجتماعي من منغصات إلا أنه أعاننا وخاصة ( فيسبوك) في رصد حجم النفاق والرياء والانتهازية والازدواجية ، أعاننا في رؤية هياكل نفوس خربت ولا أقول تحطمت ، وفضح لنا أشكال وأحجام حبال كثر اللاعبين عليها ، ومنحنا روائح متغيرات المتقلبين والمتقلبات لنتحملها بدافع التعرف على مدى ( زفرتها).

كل ماتقدم سيدفعك كقارئ للتعرف على حالة واحدة يمكنك الاستدلال من خلالها لمعرفة ما يعينك على ( فحص) مجتمعك بدون( أشعة ملونة) ولا ( سونار) ، وهنا سأدلك عليها عملا بأحكام القول المأثور:( انصر أخاك ظالما أو مظلوما.(

الا قرأت مراثي النفاق الثقافي تجاه ظاهرة الموت ؟ الا تعرفت على زيف مايحصل لبعض اصدقاء عانوا وجاعوا وتشردوا وأهملهم الجميع في حيواتهم لكن ما أن يرحل أحدهم في مشفاه أو منفاه حتى يبدأ النواح!!

مؤسسات ومنظمات تسارع للنعي وتعلن شعورها بمرارة و( خسارة)الفقيد الذي بخلت عليه في حياته بتوفير ابسط ما يعينه على قساوة ظروفه .

البعض من ( خوشية) أحزاب المرحلة المتناسلة وبحكم ما ( درخ) من مصطلحات يسارع لمنح المرحوم صفة ( المناضل) التي كانت بالأمس قيد ( التحفظ) و( طلب المعلومات) ان لم يكن متهما بمادح للدكتاتورية المنقرضة!!

أعرف البعض من أصدقاء لي كنت شاهدا على تشردهم في أزقة بغداد وفنادقها البائسة جدا ، ما أن رحلوا حتى سارع بعضهم ممن بخلوا عليهم بأدنى المساعدات لتدبيج قصائد الرثاء ( الموجع) بل وتعدى الأمر لاقامة مهرجانات تحمل أسماءهم لو كانوا قد منحوا تكاليفها لترميم حياتهم لما ( ماتوا) على قارعة طريق أو بقايا خربة !!  

ما أن يموت المبدع حتى يتحول إلى مادة صراع ومزايدات ثقافية، سياسية، اجتماعية ويرفع من شأنه لمستوى القداسة بعد أن أهمله الجميع من ( ذوي القربى) ولا أقول انتهاءً بـ ( الزملاء الاعزاء) ..وكلها تعبير خفي لشعور الجميع بالذنب ، بالذنوب التي لاتغتفر.