بغداد: هدى العزاوي
أطلقت الحكومة منذ نهاية العام الماضي 2022 حراكاً واسعاً لإنجاز البنى التحتيَّة والفوقيَّة وإكمال المشاريع الخدمية المتلكئة في العاصمة بغداد والمحافظات، ورغم تفاؤل المواطنين والمراقبين بما يتحقق على الأرض من منجزات، إلا أنَّ صعوبات وعراقيل تعانيها الجهات المنفذة للخدمات التي ينتظرها المواطن برز منها خلال الفترة الأخيرة ما يسمى بـ"التعارضات" بسبب غياب التنسيق وعدم وجود خرائط دقيقة في البنى التحتية وفوضى التنفيذ في السنوات والعقود السابقة من مختلف الجهات، وهو ما دفع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى إصدار أوامر مشددة بضرورة إزالة تلك "التعارضات" لتنفيذ المشاريع وعلى رأسها "مداخل العاصمة بغداد الخمسة" التي وصف وضعها بأنه "لا يطاق" و"لا تليق ببغداد".
عضو لجنة الخدمات والإعمار النيابية مهدية اللامي، بيّنت في حديث لـ"الصباح" أنَّ "أبرز التعارضات حدثت عند تأهيل مداخل بغداد الخمسة، خاصة أننا لا نمتلك أجهزة سونار حديثة تكشف أين يكون التعارض سواء ما يتعلق بشبكة البنى التحتية أو بالكهرباء أو شبكة الماء، فضلاً عن عدم وجود تنسيق بين الجهات ذات العلاقة الخدمية بعضها بالبعض الآخر".
وأشارت إلى أنَّ "هذا ما أكدنا عليه كثيراً من خلال جولاتنا كلجنة خدمات وإعمار نيابية بضرورة التنسيق العالي المستوى ما بين هذه الوزارات والجهات عندما يكون هناك مشروع أو منجز معين، حتى لا يكون هناك ضرر يلقي بظلاله سلباً على المواطن، فضلاً عن ذلك الأموال التي تهدر بسبب الخراب الذي سيحدث نتيجة هذا التعارض".
وأوضحت أنَّ "التعارضات كبيرة في مداخل بغداد الخمسة، خاصة أنَّ هذه التعارضات تكون تحت الأرض خاصة، والجهات ذات العلاقة مثل أمانة بغداد ووزارة الكهرباء وغيرها لا تمتلك أجهزة سونار حديثة للتعرف على ما يعارض الركيزة التي توضع للمشاريع، سواء كان هناك كيبل ضوئي أو أنابيب ماء صالحة للشرب أو تمديدات كهرباء، وبالتالي يحدث الضرر". ونوّهت بأنه "عند حدوث ضرر ما نتيجة تعارض إزاء مشروع أي وزارة مثل الإسكان والإعمار، فإنَّ الجهة المتضررة تحمّل الجهة الأخرى المسؤولية والالتزام بجميع التكاليف المادية، وبالتالي يحدث الإخفاق في إنجاز المشاريع الخدمية".
وأكدت اللامي أنه "لا يوجد هناك تنسيق بين هذه الجهات الخدمية، فوزارة الإسكان وأمانة بغداد ومحافظة بغداد تخصصاتها خدمية تصب في خدمة المواطن"، متسائلة "لماذا لا يوجد تنسيق واضح بين الجهات الخدمية حتى لا يكون هناك تعارض يقع المواطن ضحيته".
فيما يرى مدير مركز "العراق للدراسات الستراتيجية"، الدكتور غازي فيصل، في حديث لـ"الصباح" أنَّ "مشكلة عدم التنسيق مستمرة بين مختلف المؤسسات الخدمية كوزارات الاتصالات والنقل والإعمار، إذ إنَّ لديها مشاريع مختلفة في البنية التحتية".
وأشار إلى أنَّ "العلاقات والتنسيق بين مختلف المؤسسات المعنية بمشاريع البنى التحتية للخدمات في بغداد أو المدن العراقية تتسم بالضعف، وكل مؤسسة تنفذ مشاريعها دون الأخذ بنظر الاعتبار تقاطع هذه المشاريع مع مشاريع المؤسسات المختلفة الأخرى، كما أشرت آنفاً".
وأكد فيصل أنَّ "هذا الأمر يعود في الأساس إلى طبيعة الأنظمة التي تؤسس أو تضع قواعد للعمل لمختلف المؤسسات المعنية في البنية التحتية للوزارات المختلفة في الدولة، وتتصرف كل واحدة من هذه المؤسسات وكأنها مؤسسة منفصلة عن طبيعة البرامج والسياسات والمشاريع والأهداف التي تؤكد عليها الحكومة"، مبيناً أنه "هنا يحصل التقاطع الذي نلاحظه في المشكلات الكبرى، وهذا ما حدث عندما بدأت مشاريع الصرف الصحي وكيف تقاطعت مع ماء الإسالة ومع الكهرباء ومشاريع أخرى كثيرة"، عادّاً أنَّ "السبب في ذلك يرجع إلى عدم وجود ثقافة ما يسمى (العمل المؤسسي) والتخصص والتنسيق بين السلطات المختلفة".