تبارك سلمان
من بين الملحنين المشهورين في القرن الثامن عشر، غالباً ما تكون هناك أسماء مفقودة. ومن بين هذه الأسماء هو جوزيف بولوني المعروف أيضاً باسم شوفاليه دي سان جورج.
هو موسيقي كلاسيكي، قائد اوركسترا ومبارز ولد عام 1745 في مستعمرة غوادلوب التابعة لفرنسا لأب أبيض ثري وأم من أصول أفريقية.
في سن الثامنة انتقل إلى فرنسا ودرس في مدرسة داخليَّة، حيث درس العزف على آلة الكمان، بعدئذٍ التحق جوزيف بأكاديمية الفنون الملكية التابعة للجيش. تعلم المبارزة والفروسية، وفي غضون سنوات خاض العديد من المباريات وأصبح بطلا في المبارزة وفارسا بارعا.
مآثره الرياضية فضلا عن كونه رجلاً ذا كاريزما ووسامة جعلتهُ محبوبا بين أوساط المجتمع الباريسي.
في يومٍ ما وخلال إحدى الحفلات اندهش الحضور لرؤية جوزيف يعزف على الكمان بمهارة واتقان حيث كان عضوا في اوركسترا (لا كونسيرت دي اماتورز) توافد الناس على حفلات الكمان الخاصة به.
وخلال مسيرته الموسيقية مع الاوركسترا كتب جوزيف العديد من السمفونيات والسوناتا كونشيرتو لمختلف الآلات الموسيقية فضلا عن الرباعيات الوترية والأوبرا. كانت موسيقاه تحظى بتقدير كبير لكن على الرغم من نجوميته لم يمنح جوزيف شوفاليه حقوقا متساوية بسبب الدوافع العنصريَّة السائدة آنذاك.
ماري انطوانيت ملكة فرنسا كانت من أبرز المعجبين به وكان معلما لها حيث عرفت بشغفها الكبير للموسيقى.
بعد سنوات أرادت هي وزوجها الملك أن توليه لمنصب رئيس أوبرا باريس لكن اقتراحه هذا تسبب بفضيحة مدوية، تلقى طلبه الاعتراض من ثلاث مغنيات رئيسات في الاوبرا يدعين بأن شرفهن ومكانتهن الاجتماعية لا تسمح لهن بأخذ الأوامر من مواطن من الدرجة الثانية. لكن هذا لم يمنعه من مواصلة إقامة الحفلات والتأليف الموسيقي.
كتب سان جورج اثني عشر كونشيرتو للكمان، وثماني سيمفونيات كونسيرتو، وهو نوع جديد من الموسيقى الباريسيَّة التي كان أحد أهم المؤيدين لها.
كتب أعماله على الآلات الموسيقية على مدى فترة زمنية قصيرة، وتم نشرها بين عامي 1771 و 1779، كما كتب ست اوبرات.
تأثر أسلوبه التأليفي بعصر الباروك، حيث السلّم الموسيقي يبقى على حالة واحدة من الصلابة والألحان القوية من البداية الى النهاية، وهذا ما يسمى بالاتجاه الواحد لكن جوزيف اضاف الرقة والحيوية وبغض النغمات ذات السلّم الموسيقي المختلف لتتحول موسيقاه من الاتجاه الواحد إلى الاتجاهات المتعددة ( Allegroايقاع سريع وواضح يليها Presto الايقاع السريع جدا ثم Andante الايقاع البطيء).
لكن أحداث حياته لا تقتصر على الموسيقى، فإنّ الموسيقي المغمور كان من بين الرجال السود الأوائل الذي قادوا فوجا في الجيش الفرنسي.
توفي في العام 1799 نتيجة المرض. وعلى مدى قرنين من الزمن تلاشت ذكراه وفقدت العديد من مؤلفاته الموسيقية أثناء الثورة الفرنسية.
لكن الان، لا يزال من الممكن الاستمتاع لمؤلفاته الموسيقية، وقبل مدةٍ صدر أول فيلم سيرة ذاتية عنه وحصل الفيلم على مراجعات جيدة من النقاد، لينفض الغبار أخيراً عن اسم جوزيف بولوني بوصفه أحد أوائل وأهم المؤلفين الموسيقيين من العرق المختلط الأوروبي الافريقي.