بغداد: أحلام سعدون
يشكو العديد من المواطنين من تحول مناطقهم السكنية في العاصمة بغداد إلى (جوبة) لتربية المواشي والحيوانات، وتركها تسرح وتمرح مع الأهالي وبين منازلهم، بل تعدى الأمر ذلك حتى باتت بعض الحيوانات من المواشي تهاجم المارة وتخرب سياراتهم، عندما تشعر (الحيوانات) بالتهديد والخوف، فأصبحت ظاهرة انتشار القطعان تشوه العديد من أحياء بغداد.
«إن خطورة هذا الأمر لا تقتصر على المظاهر اللائقة”، هذا ما قاله الطبيب البيطري موفق ساجت سمير، موضحاً أن هناك عاملا خطيرا يمس حياة الإنسان بما يسببه من مخاطر على الصحة العامة، هو وجود نحو 150 مرضاً مشتركاً بين الإنسان والحيوان، بعضها أمراض قاتلة لا يمكن السيطرة عليها بسهولة، وبعضها يسبب أوبئة لا يمكن علاجها، وقد تتسبب بوفاة ما يقرب من مليوني إنسان
سنوياً.
وتابع سمير: “هناك إصابات مسجلة بمرض الحمى النزفية، وهو مرض مشترك بين الحيوان والانسان، اذ يعد من الأمراض المعدية الخطيرة التي يمكن أن تتسبب في الإصابة بعلل تهدد الحياة، وقد وصلت الوفيات إلى 70 حالة وفاة في العام 2022، وإن انتشار الحيوانات في المدن من أهم المسببات لهذا المرض، مؤكداً أن البلدان المتحضرة تجتهد على إبراز جمالية المدن ورفع الوعي المجتمعي في سن التشريعات والقوانين، التي تحافظ على البيئة وصحة الإنسان من أي ملوثات ومسببات للأمراض”.
وشدد على ضرورة وضع حلول جذرية لظاهرة الرعي العشوائي والكلاب السائبة، تتمثل بتطبيق صارم للتشريعات وتعديلها بما ينسجم مع التزايد الخطر للأمراض، وتشكيل لجان وفرق ميدانية لرصد هكذا حالات، كما يجب رفع الوعي بين المواطنين، لنبذ هذه الظاهرة والإبلاغ عنها وتعزيز الوعي بين أفراد المجتمع، لا سيما بعد الزيادة الملحوظة في تربية الماعز والأغنام والأبقار داخل الأحياء السكنية، التي حولت الساحات الخضراء إلى مركز لفضلات هذه الحيوانات، ما أدى إلى تشويه المدن وإظهارها بمظهر غير لائق.
وناشد مواطنون من مناطق مختلفة عبر “الباب المفتوح”، أمانة بغداد والدوائر البلدية ووزارة الداخلية والجهات المسؤولة، لحل قضية انتشار المواشي والكلاب السائبة في مناطقهم السكنية من أجل الحفاظ على صحة المواطن والبيئة التي يعيش فيها، وإنقاذ الوجه الحضري للعاصمة بغداد والمحافظات الأخرى.
وشكا المواطن عباس محمد ويسكن منطقة حي البساتين/ الضباط، من ظاهرة تجول الأبقار في منطقتهم، قائلا: إن “غالبية القائمين عن تربية المواشي في الأحياء السكنية في مدينة بغداد هم من القرى المجاورة للعاصمة، فبعد تراجع تجارة بيع الاغنام في مناطقهم لكثرة أعدادها لجؤوا إلى بغداد لمزاولة بيع
مواشيهم”.
وأضاف إن “انتشار هذه الظاهرة في منطقتي شوهت معالمها وجماليتها، فضلاً عما تخلفه من تلوث وما تنقله من أمراض قد تشكل خطرا على ساكني هذا الحي”.
من جانبها، أبدت المواطنة بسمة سجاد وهي مدرسة متقاعدة من سكنة منطقة المشتل وسط العاصمة بغداد قلقها من تنامي ظاهرة تربية المواشي في المنطقة، قائلة: “ليس بمقدورنا فتح النوافذ أو أن نأخذ قسطا من الراحة في المساحات المحيطة بمنازلنا بسبب روائح الأغنام وضجيجها.»
أما المواطن (ابو حسين) فقد أشار الى أن هذه الظاهرة لا تتوقف عند انبعاث الروائح من المواشي، بل تتسبب أيضا بحوادث مرورية، فيقول عند سيري في سيارتي الشخصية بداخل منطقتنا للتسوق وشراء بعض الحاجات المنزلية، تفاجأت بعض الأبقار من الجوبة، وقد صدمت إحداها سيارتي، ما ألحق ضرراً بسيارتي، وليس هناك من يعوضني أو قانون يحاسب صاحب هذه المواشي.
من جهته، قال أحمد، وهو عامل مأجور تابع لأمانة بغداد في قسم الحدائق: “نعمل طوال اليوم لترتيب الحدائق والأشجار والأزهار المزروعة في الوسطيات والمستديرات، لكن مع الأسف الشديد تأتي الأبقار تأكل الأشجار والازهار وترمي برازها وأوساخها في الشوارع، وكذلك تأكل النفايات المنتشرة على الطرقات وقرب الحاويات مبعثرة أكياسها في كل مكان، ما يتسبب بمشكلات صحية وبيئية.»
في حين، عدّت طالبة الإعلام في الجامعة المستنصرية هاجر حسين عبود ، انتشار المواشي بين المناطق السكنية “ظاهرة سلبية” تتسبب في تشوه جمالية المدن، اذ باتت كثرة انتشارها في شوارع بغداد والمناطق الزراعية مصدر قلق وازعاج للمواطنين، سواء المارة او لسائقي السيارات، مؤكدة ان كل هذا يجري في غياب الردع
القانوني.