الهند ستتخطى الصين بعدد السكان

بانوراما 2023/05/10
...

 كروتيكا باثي

 ترجمة: مي اسماعيل

تمضي الهند على مسار التحول إلى الأمة ذات العدد الأكبر من السكان في العالم بحلول منتصف هذه السنة، لتفوق الصين بنحو 2.9 مليون، وفقا لبيانات توقعية أصدرتها الأمم المتحدة مؤخرا. سيكون عدد سكان الهند (حسب التقديرات) نحو 1.4286 مليار نسمة، مقابل 1.4257 مليار في الصين. وهذا يطرح تساؤلات عن امكانية قيام الشباب الهندي متزايد الأعداد بدعم النمو الاقتصادي لسنوات مقبلة. 

بينما تناهز أعداد الشباب الهندي (ذوي الأعمار بين 15 - 24 سنة) نحو 254 مليونا، وهو العدد الأكبر في العالم، تكافح الصين شيخوخة السكان وركود النمو السكاني. وهذا أثار توقعات بأن التغييرات الديموغرافية يمكن أن تمهد الطريق للهند لتصبح ثقلاً اقتصاديا وعالميا. 


يمكن لمواطني الهند الشباب دفع عجلة النمو الاقتصادي للبلاد لسنوات قادمة، لكن هذا بدوره يمكن أن يصبح (بسهولة) مشكلة بحد ذاته، إذا لم يجرِ توظيفهم بكفاءة. وحذُر الاقتصاديون انه بالرغم من كون اقتصاد الهند من بين الاقتصادات الأسرع نموا بينما يرتفع عدد سكانها، فان البطالة أيضا في ارتفاع. يأمل عملاق التكنولوجيا "أبل" (من بين عدة شركات أخرى) بتحويل الهند إلى مركز تصنيع محتمل، بينما تنقل بعض مواقع انتاجها خارج الصين، حيث تتصاعد الأجور بينما يتقلص عدد السكان بسن العمل. يقول تقرير الأمم المتحدة أن الهند سيكون لها نحو 2.9 مليون نسمة أكثر من الصين منتصف العام الجاري (مقارنة بعدد سكان البر الرئيسي للصين)، مع أن علماء الديموغرافيا يقولون إن حدود البيانات السكانية تجعل من المستحيل حساب ذلك التاريخ بدقة؛ إذ لم تقم الهند بإجراء تعداد سكاني منذ 

عام 2011. 


دولة أكثر شباباً

كانت الصين ذات التعداد الأكبر عالميا منذ سنة 1950 على الأقل، وهو العام الذي بدأت فيه الأمم المتحدة بإصدار بيانات عدد السكان. الصين والهند كلاهما تضم أكثر من 1.4 مليار نسمة، وهما معا يشكلان أكثر من ثلث سكان العالم البالغ عددهم نحو ثمانية مليارات. حتى وقت قريب لم يكن من المتوقع أن تصبح الهند الدولة الأكثر تعدادا بالسكان حتى وقت لاحق من هذا العقد. لكن التوقيت تسارع بسبب انخفاض معدلات الخصوبة في الصين، مع انخفاض عدد الأطفال الذين تنجبهم الأسر هناك. وبالمقابل تمتلك الهند سكانا أكثر شبابا ومعدل خصوبة أعلى، وتشهد انخفاضا بمعدلات وفيات الأطفال منذ العقود الثلاثة الماضية. 

ومع ذلك بدأ معدل الخصوبة بالتناقص في البلد بانتظام، من خمسة أطفال لكل إمرأة في سنوات الستينيات إلى فوق الاثنين بقليل سنة 2020، وفقا لبيانات البنك الدولي. تضاعف عدد سكان الهند أكثر من أربع مرات منذ حصولها على الاستقلال قبل 76 عاما، وإذ تبدو عازمة على أن تصبح أكثر سكان العالم نفوسا، تتصارع الهند مع التهديد المتصاعد للتغير المناخي، وأوجه عدم المساواة العميقة بين سكانها في المناطق الحضرية والريفية، والفوارق الاقتصادية بين الرجل والمرأة واتساع الانقسامات الدينية.  في دراسة استقصائية شملت 1007 هنود أجرتها الأمم المتحدة بالتزامن مع التقرير؛ قال نحو 63 بالمئة من المشاركين إن القضايا الاقتصادية هي مصدر قلقهم الأكبر عند التفكير في التغير السكاني، تليها مخاوف بشأن البيئة والصحة وحقوق الإنسان. وقالت "أندريا ووجنار" ممثلة صندوق الأمم المتحدة للسكان بالهند في بيان لها: "تشير نتائج الدراسة بالهند أن المخاوف السكانية قد تسربت إلى أعداد كبيرة من عامة الناس. ومع ذلك لا ينبغي أن تثير أعداد السكان القلق أو تسبب الانذار". واضافت ان هذا يجب اعتباره رمزا للتقدم والتطور.. "طالما جرى التمسك بالحقوق والخيارات 

الفردية". 


رهان على المستقبل

يراهن الكثيرون على العدد المتزايد من الأشخاص بسن العمل في الهند لمنحها "مردودا ديموغرافيا"، أو إمكانيات النمو الاقتصادي عندما يتفوق عدد الشباب في بلد ما على نصيبه من كبار السن الذين تجاوزوا سنوات عملهم. وهذا ما ساعد الصين على تثبيت مكانها بصفتها قوة عالمية. يقول "ماهيش فياس" مدير مركز مراقبة الاقتصاد الهندي: " لم نتمكن حتى الآن من الاستفادة من عائدنا الديموغرافي بشكل كفوء. وبينما نما عدد السكان بسن العمل بصورة ملحوظة، فإن التوظيف لم يزدد". وأضاف ان الهند كافحت لخلق مزيد من الوظائف في السنوات الست الماضية، مع ركود عدد الوظائف عند 405 مليون. 

شهدت الهند تحولا هائلا، من دولة فقيرة عام 1947 إلى قوة عالمية ناشئة، يعد اقتصادها البالغ 3 تريليونات دولار ثالث أكبر اقتصاد في آسيا. وهي مُصدّر رئيسي لمواد مثل البرمجيات واللقاحات، وقد غادر الملايين فيها الفقر إلى طبقة وسطى متنامية وطموحة، مع ارتفاع قطاعاتها ذات المهارات العالية. لكن البطالة نمت بالمقابل، ووفقا لبيانات "مركز مراقبة الاقتصاد الهندي- CMIE" عام 2022 فان أربعين بالمئة فقط من الهنود في سن العمل لديهم 

وظائف. 

وتتفق "بونام موتريجا" رئيسة مؤسسة السكان في الهند مع هذا الرأي، قائلةً إن البلد يجب أن يخطط بشكل أفضل لشبابه: "سيحتاج هذا العدد الكبير من السكان إلى استثمار هائل في المهارات، ليتسنى لهم الاستفادة من الفرص التي سيقدمها الاقتصاد للمشاركة في الوظائف. ولكن علينا أيضا توفير المزيد من فرص العمل لهم"، وأضافت أن الاستثمار مطلوبٌ أيضا في التعليم.  

استجابت الصين لتقرير الأمم المتحدة، وقال "وانغ ويبين" المتحدث باسم وزير الخارجية الصيني: "لا يعتمد العائد الديموغرافي لبلد ما على الكمية فحسب؛ بل يعتمد على النوعية أيضا. عدد السكان أمر مهم، وكذلك الكفاءات.. المكاسب الديموغرافية للصين لم تختفِ، وعائد الكفاءات جار، ولا يزال زخم التنمية قويا".


موقع "أسوشييتد بريس"