علي حسن الفواز
تطورات الحرب في السودان تحولتْ إلى صراعٍ مفتوح، وإلى لعبة خنادق ساخنة، يُزيد من تفاقمها الخلافات بين القوى السياسية في الداخل، مثلما هي بين فرقاء الحرب، فمع الذكرى الرابعة لسقوط نظام عمر البشير، انكشف النظام الجديد على واقعٍ صراعي أشدّ تعقيداً، بين مؤسسة القوات المسلحة الرسمية، وبين قوى مسلحة أخرى شاركت الجيش في الانقلاب العسكري الذي أطاح بنظام البشير.
الشروع بتوصيف آلية الحكم بين الفريقين، قد يكون السبب بحدوث الصراع بينهما، لعدم قدرتهما على تبنّي ستراتيجيات للتوافق العملي، وللانتقال إلى الحكم المدني، والبدء بمرحلة سياسية جديدة، تقوم على الخيارات الديمقراطية، وعودة العسكر إلى ثكناتهم، لكن غياب المؤسسات المدنية القادرة على تغيير موازين القوى، وفشل حكومة “حمدوك” في فرض برنامجها الحكومي على العسكر، جعل “الجنرالات” يفرضون سلطتهم على المؤسسات، وعبر توجهات صارمة، كثيراً ما اصطدمت بالتظاهرات الشعبية التي نظّمتها النقابات المهنية والقوى المدنية.
سقوط نظام البشير، أسقط معه جماعات سياسية سعت إلى دعم النظام، وإلى تكريس سياسته في الواقع السوداني المأزوم اقتصادياً واجتماعياً، فضلاً عن علاقته بكثير من النزاعات الداخلية الإقليمية، حيث فقد خلالها السودان جنوبه، وتفاقمت في غربه الصراعات الأهلية، لاسيما في منطقة دافور، وإذا كان السودانيون قد استبشروا خيراً بالحدث العسكري، وبالنوايا التي أطلقتها القوى الجديدة، فإن واقع الحال اثبت عكس ذلك، فمعطيات التوافق القلق بين قوات الجيش بقيادة البرهان، وبين قيادة الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، أصاب البلد بالشلل، وصولاً إلى وضع السودانيين تحت ضغط أسوء حرب مدن، والتي سننعكس تداعياتها على السلم الأهلي، والواقع الاقتصادي الذي يعاني
من مشكلات بنيوية معقدة.
التوقعات بنهايةٍ قريبة للحرب، قد تبدو مُخيبة للآمال، فالجيش يريد فرض سلطته الواقعية، وقوات الدعم السريع تبحث عن موطئ قدم لها عبر حلٍّ سياسي إقليمي أو دولي، والمطالبة بانتخابات مبكرة تبدو بعيدة عن الواقع، لأن الجميع يخشى الهزيمة، وفقدان المصالح في بلدٍ تموضع منذ عقود عند حافة جحيم الانقلابات، وحتى الوساطات والضغوط التي جمعت الفرقاء في اجتماع جدّة، لن تكون نافعة، سوى في إبقاء وقْف إطلاق النار، دون البحث عن حلول ناجعة للصراع الذي يُمكن أن يُهدد المدن السودانية
الأخرى بالحرب المفتوحة.