جبار النجدي في ذمة كلماته الأولى

ثقافة شعبية 2023/05/11
...

 سعد صاحب 

حينما يقول الإنسان كلمة، يلتزم بها مهما كلف الأمر، فالكلمات هي مرايانا الداخلية التي تفصح عما نريد، والشاعر يقصد ما يقول، والحروف الموجودة في الكتب تغير الأفكار، وتقلب الموازين في عقول الناس، وإذا تحولت إلى أغنية ناجحة، تتناولها الشفاه في الدروب والأعراس والمحافل، وكأنها أشبه ما تكون بحكمة أو موعظة أو كلام شائع.

(يجلمه انته وعلى شفافي أضم حرفك). الظل في أكثر الأحيان يعيش منسياً، أو مهملاً من التاريخ، لكنه يجابه الحرور بقوة، وهو ملاذ لكل مصطلٍ بنيران الحياة، وهذا الفيء المجهول بلا تدوين، تستجيب له الشمس في العديد من المواقف، لأنه قادر على محو خيوطها عند الغروب، ولهذا تأتي بكل جبروتها صاغرة، وتنثر شعرها الأشقر في موكب الزفاف. (يفي انته الشمس ربيتها 

تزفك). 


شبابيك مغلقة 

ليل الشعراء طويل بلا صباح، وهو مزيج غريب من الهموم والأغاني والذكريات والأوجاع والحنين والاشتياق، وقضبان الشبابيك المغلقة تشبه أعمدة المقاصل، ينوء تحتها رأس كل عاشق غريب، والفجر لا يلوح لساهر مجهول المصير. (ضميتك عذاب الليل / من يبعد عليه صبحه ). ومهما تجاهلنا الألم وتظاهرنا بالارتياح، فإن الإصابة الموجعة تجبرنا على الحديث، ولكن الأخرس لا يعرف البوح ولا يجيد لغة السكوت، وحينما تفوح رائحة العشق من جراحه النازفة، تصبح خير تعبير عن المشاعر المنكسرة. (حمليتك وجع مصيوب / ريحة عشك يم 

جرحه).


خبر سعيد 

البكاء حالة إنسانية رافقت النفس البشرية، منذ أن وجد الإنسان فوق هذه الأرض الشاسعة، والعجيب نحن نبكي عندما تحاصرنا جيوش الحزن بأسلحتها القاتلة، ونبكي حينما نستمع إلى خبر سعيد، ونختنق ابتهاجاً بشهقة الفرح المفاجئة للروح والقلب والأعصاب والوجدان. (حدرتك دموع العيد / من تختنك بالفرحه). ومن خوف الحبيب على من يحب، أودعه في عيون ملأى بالملح، لا تنام ولا تصحى ولا تحلم ولا تفيق .( ضميتك بليل عيون لا تحلم ولا تصحه). ومن قاوم الفشل بكل بسالة وبطولة، يفوز في آخر الشوط بالنجاح، ويشرب نخب الانتصار بعد خيبات متتالية . (وضكت تالي دفو الكطره بطعم 

جرفك). 


اليوم الأخير 

يتمنى المريض أو المحكوم بالاعدام، أن يكون اليوم الأخير في حياته طويلاً، حافلاً بالمسرات والحب والمزايا الجميلة والأخبار السعيدة، مستثمراً كل لحظاته بانتظار الفرج القادم من جهة قريبة، حينها يكون الشخص مسكوناً بالعبارات الايجابية، المحرضة على حب الحياة بأقسى الظروف، وإن جاء الموت راكضاً اليك فلا تخشى، ولا تتنازل عن الموقف الشريف، طالما أنك حققت الكثير من الأشياء الصعبة، المستحيلة على سواك. (خلكي وياك حد الشاف / بس باجر بقى بعمره). والصبر المقترن بقضية عادلة تستحق العناء، يكون مثمراً لصاحبه، حتى ولو كان محصوله الخسارة، من كل ما في الوطن من خيرات ونفوط ومعادن وأموال. (وصبري وياك حد 

الاخ / يمجمل الالم حسره). 


المد الثائر 

مرحباً بالفيض المبارك الذي يغسل الأشجار وسيقان العنب والسرو والبرتقال، ويمنحنا الطراوة والعشق والشغف والعوالم المخملية الناعمة، ويا فرحي بالمد الثائر، الجارف للأعشاب الضارة صوب المزبلة، إنه يدون تاريخاً جديداً من النزاهة والعدالة والمسرات والنهوض السريع، ويطهر العالم من كل قاتل بغيض، ويا مرحى بزورق في الرياح ثابت المرساة. (يفيض انته بحضن كاعي لكه العشره / يمد انته بوسط روحي شمر جزره / واكلك شوف بشافي شكبر حرفك).