مطالباتٌ بشمولٍ عامٍ للطلبة في الامتحانات العامّة

ريبورتاج 2023/05/14
...

  وليد خالد الزيدي 

  تصوير: خضير العتابي

التربية قطاع كبيرٌ وواسعٌ ومهمٌ في بناء الدول، وتنمية الشعوب وتطوير المجتمعات، لكونها العمود الأساس لمخرجات برامج التنمية، وأول مسارات طريق البناء، وإيجاد الحلول لكل متطلبات العمل النهضوي الشامل في ميادين الحياة برمتها لأي بلد. والتربية في بلدنا لها خصوصياتها، لكونها ترتبط بشكلٍ كبيرٍ بالواقع السياسي العام، وانعكاساته على جميع نواحي الحياة، وهذا القطاع الحيوي ما زال يشتكي منه كثير من العراقيين، بسبب ما فيه من سوء نظام التخطيط وضعف وقصور طرق التدريس، والنقص الكبير في الملاكات التربوية، وعدم كفاءة الكثير منهم، فضلا عن عدم كفاية الأبنية المدرسية، لاحتواء الأعداد المتزايدة من التلاميذ والطلبة لمختلف المراحل الدراسية، وقلة التجهيزات والمواد الاخرى، التي تدخل ضمن عناصر نجاح هذا القطاع، والأخطاء الكبيرة، التي ترتكب أثناء سير الامتحانات أو الاستعداد لها، ومنها دخول طلبة الصفوف المنتهية المتوسطة والإعداية في الامتحانات العامة، لمن رسب بثلاث مواد ومنحه (10) درجاتٍ إضافية لبقية المواد.

برزت إلى العلن مطالبات بإشراك جميع طلبة المرحلتين المتوسطة والاعدادية، من دون شرط، ولكي لا يكون الدخول المشروط مدعاةً للرشوى والفساد المالي لبعض إدارات المدارس أو التربويين أنفسهم، لمساومة الطلبة على زيادة درجاتهم، ليكونوا ضمن الطلبة المستوفين لها.

(الصباح) التقت مواطنين وتربويين لمعرفة آرائهم، بشأن أفضلية الدخول الشامل أو الدخول المشروط، لطلبة الثالث المتوسط والسادس الإعدادي، من خلال التحقيق الآتي.


تصويب العمليَّة التربويَّة

يؤكد إحسان جمعة خميس موظف في كلية التربية بجامعة بغداد أن نظام الدخول في الامتحانات العامة، من أهم المواضيع، التي تدخل ضمن إطار تصويب العملية التربوية نحو النجاح.

ويقول خميس في حديثه لـ(الصباح) إن الدخول المشروط فيه إيجابيات وسلبيات، ومن ايجابياته تحسس الطالب لوضعه الدراسي، بحيث يجب أن يكون لديه اندفاعٌ للدراسة ومواكبة مراحل المراجعة والتفوق، ليكون له سببٌ لعبور مرحلته الدراسية بتفوق، أما الجانب السلبي فهو الخشية من أن يكون الدخول المشروط عرضةً لفساد بعض المؤسسات التربويَّة وسرقة جهود المجتمع في التطور العلمي.

ويضيف أن بعض إدارات المدارس، تتعامل مع تلك القضية بدوافع فساد مالي، وربما تّقَبُل طلاب كثيرين مقابل رشى بمبالغ مالية لإدخالهم في الامتحانات العامة، برغم عدم استحقاقهم لذلك، لذا فإن الدخول المشروط هو أفضل من الدخول الشامل، لأن مشاركة جميع الطلبة في الامتحانات العامة سوف تضعف العمليَّة التربويَّة، حيث يتساوى الطالب الجيد مع غيره المتكاسل والطالب المجد مع المهمل.


الأفضليَّة والأحقيَّة

وشددت المدرسة في التعليم المهني هديل صبحي على ضرورة اقتران الدافع والحرص لدى الطلبة، بعملية إدخالهم  الامتحانات العامة.

وقالت صبحي في حديث خصّت به (الصباح) إن دخول الامتحانات العامة بموجب الشروط، التي أقرّتها وزارة التربية، يضمن شعور جميع الطلبة بالدافع للدراسة والتفوق العلمي، والحرص على استحصال فرصة الاشتراك في الامتحانات العامة، وفق صفة الأفضلية والأحقية، وليس بموجب الشمول، حتى يشعر الطالب بتميزه عن أقرانه، الذين دون مستواه الدراسي.

وأضافت أن القائمين على التربية، يجب أن يأخذوا بعين الاعتبار احترام الفروق الفردية بين طلبة الثانويات، في ما يخص المستويات العلمية والتباينات الذهنية، لدى جميع الدارسين، عند وضع برنامج يخص شمول الدارسين في الامتحانات أو عدم شمولهم.


غبن حقوق الطلبة وظلمهم

أشار عماد الاسدي وهو متقاعد من بغداد إلى قضية تخص تدني مستوى التعليم في المدارس الحكومية، وأساليب قاسية ضد طلبتهم، لا سيما في المدارس الثانوية لأسبابٍ شتى.

وقال الأسدي في حديث خص به (الصباح)، إن عددًا من طلبة الصف الثالث المتوسط في إحدى المدارس الحكومية (على سبيل المثال)، كانوا قد رسبوا بعدة دروس في الدور الأول ونصف السنة من العام الماضي، وبعضهم من عوائل تربوية اشتكوا من قلة حضور المدرسين لدروسهم، يقابلها صعوبة الاسئلة وكثرتها وضيق وقت الامتحان الشهري بأقل من ثلاثين دقيقة، بحيث لا تكفي الطالب ليرد عليها كلها، خلال الوقت الضيق.

وأضاف حينما استفسرنا من إدارة مدرستهم، ادعوا أنهم تشددوا على طلبة الثالث المتوسط، لكي يحزموا أمرهم، ويجهدون أنفسهم وتناسوا أنهم يحبطون ارادتهم ويقلقون تفكيرهم، لكن بعد تغيير اسلوب المدرسة معهم لحسن سلوك هؤلاء الطلبة، كما تدعي الادارة تمَّ إدخالُهم ونجح جميعهم، وكانت أقل درجة لأسوأ طالب فيهم (76) درجة بمادة الانكليزي.


عنصر المنافسة بين الطلبة

مدرس اللغة الانكليزية في متوسطة الأحنف بن قيس في ناحية خان بني سعد اسامة القرة غولي يقول: الدخول المشروط هو وسيلة لتحفيز الطالب على الدراسة والاجتهاد، لا سيما الطلبة ذي المستويات المتدنية، فهو بذلك دافع لهم للعمل على تحسين أدائهم، والوصول الى مستويات أقرانهم أصحاب الدرجات العالية. 

ويضيف القرة غولي في حديثه لـ(الصباح) فرض الشروط الخاصة بدخول الامتحانات، تجعل من عنصر المنافسة بين الطلاب أمرًا واقعًا، ومن شأن ذلك رفع مستوياتهم، وبالتالي يعضّد المسيرة التربوية في عموم مناطق البلد بعناصر نجاح واعدة، بشرط أن يكون مستوى التدريس جيدًا، وفيه عدالة تضمن لجميع الطلبة حقوهم، من دون ظلمٍ أو غبن لأي منهم، واعتبار تلك المسألة قضية جوهرية في العمل التربوي. مبينا أن مخرجات الامتحانات ونتائجها ستكون جيدة، ومتخرجين أكفاء، لكن شريطة اقتران تلك المسألة بنزاهة إدارات المدارس وأعضاء الهيئات التربوية بإعطاء لكلِّ ذي حقٍ حقه، من دون المساس بنزاهة العمل التربوي والرسالة الأبوية لكلَّ معلمٍ أو مدرس، بعكس إذا أصبح الدخول شاملا لكل الطلاب من دون النظر إلى تباين مستوياتهم أو تميزهم.


تدني مستوى التدريس

المواطنة بيداء عبود وهي أم لأحد طلبة الثالث المتوسط تقول: الوضع التربوي مرتبكٌ، وفيه إشكالات كثيرة، لا سيما في مسألة التدريس وطرقه، ومستويات بعض المعلمين والمدرسين، فهناك الكثير منهم ليس بالمستوى المطلوب، فضلا عن تساهل إدارات بعض المدارس مع المدرسين، الذين يقصرون في تلك المسألة، وكذلك ضعف الإشراف عليها، فهناك من يدخل للدرس ثلاث مرات خلال شهر، يشرح فصلًا كاملًا، خلال كل درس، ثم يفرض على الطلبة الامتحان بالفصول الثلاثة، التي انهاها بثلاث محاضرات فقط فهل هذا عدل. 

واضافت عبود خلال حديثها لـ(الصباح) مع إني أقول إنَّ الدخول الشامل أمرٌ غير منطقي وليس سليمًا، لأنه يثقل على المراكز الامتحانية ولجان التصحيح، ويخل بالعملية الامتحانية، ونحن ندرك بشكلٍ جلي أنَّ الطالب ذا المستوى المتدني، لم يستطع النجاح حتى لو دخل الامتحان عشرات المرات، لكن ماذا لو كان التقصير من المدرسة ومدرسيهم ليس من الطلبة، فهذا أمرٌ ليس منطقيا أيضا.


سلاحٌ ذو حدين

المتخصصة في اللغة العربية الاستاذة نورة علي مهدي تقول: إن الدخول الشامل للطلبة في الامتحانات العامة، هو سلاح ذو حدين لما به من ايجابيات وسلبيات في آن واحد، لأنه يفسح المجال أمام الطلبة، الذين فشلوا في أداء بعض الامتحانات السابقة الفصلية أو نصف السنة، وهو بذلك يمكن أن  يضع أمامهم الفرصة، لكي يتشجعوا ويركزوا في مراجعة دروسهم ومذاكرتهم، وربما يكون النجاح من نصيبهم هذه المرة.

وأضافت مهدي في حديث خصّت به (الصباح)، أما الجانب السلبي فيه فهو أن الطالب الذي رسب بخمس مواد (على سبيل المثال) أو أكثر، رغم مواظبته على الدوام وحضوره الدروس طيلة السنة وفشل في الامتحانات، كيف يمكن أن يتجاوز الامتحان النهائي العام، ويظهر بنتيجة جيدة، ويحصل على درجات تؤهله للنجاح وعبور المرحلة. موضحة أن قرار الوزارة بالدخول المشروط يصبُّ في مصلحة الطالب لأنه أخذ وقتًا كافيًا، وحسّن مستواه، فلم تصدر الوزارة قرار الدخول المشروط بين ليلة وضحاها ولم تظلم أيَّ طالب به.          


رأي الإشراف الاختصاص

المشرفة الاختصاص في وزارة التربية د.ازهار كامل، أكدت عدم وجود مبرر للدخول الشامل لطلبة الصفوف المنتهية للمرحلة الثانوية، حيث لا توجد عوائق صحية كفيروس كورونا، فضلا عن إلغاء بعض المواد من مناهج الطلبة، وهناك مواد مقلّصة في تلك المرحلة.

وقالت كامل في حديث خصّت به (الصباح) أنا أتحدث بالنيابة عن الإشراف التربوي، حيث أصبحت ذريعة لبعض الطلبة غير المجدين ليتساووا مع أقرانهم المجدين والمتفوقين لدعوة الدخول الشامل، ومن باب الإنصاف يجب أن يكون هناك تمييزٌ بين الطلبة على هذا الأساس، فمنذ عام (2003) تدهور قطاع التربية، بسبب بعض القرارات المزاجية غير المدروسة وتدنى مستوى التعليم في بلدنا، حيث كان هناك دخول شامل في بعض الأعوام، ومنح دور ثالث للطلبة الراسبين في الامتحانات العامة.

وأضافت إن "طلبة الجيل الذي تخرج من الدخول الشامل والدور الثالث مستوياتهم كارثية، بحيث الكثير منهم، لا سيما من بلغ الصف الثالث المتوسط لا يجيدون القراءة، ولا حتى الكتابة بأبسط صورها، لذا فنحن في الإشراف التربوي بالضد من قرارات الدخول الشامل، وفرصة الدور الثالث، ومع الدخول المشروط.