ترحيب اقتصادي بتوجُّهات تأسيس شركة لضمان القروض

اقتصادية 2023/05/14
...

 بغداد: حيدر فليح الربيعي 

رحب مختصون بالشأن الاقتصادي والمالي، بتوجه البنك المركزي نحو تأسيس شركة لضمان القروض بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية، والهادفة إلى تحفيز عملية الإقراض وتخفيض نسب تعثرها، مؤكدين أن تلك الخطوة تمثل "ضامنة قانونية رصينة للإقراض" .

وتشكل عملية "تعثُّر تسديد القروض" عقبة حقيقية تعاني منها العديد من المصارف الخاصة والحكومية، والتي كلفتها خسائر مالية طائلة، بلغت وفقاً للمستشار المالي لرئيس الوزراء، الدكتور مظهر محمد صالح، قرابة 28 بالمئة من حجم القروض الممنوحة عقب عام 2003، وهو ما يعدُّ نسبة "خطرة جداً" إزاء المعدَّل العالمي المقبول بين 3-6 بالمئة  كحد أقصى.

وبغية القضاء على تلك الظاهرة المالية التي أربكت عمل العديد من المصارف، بحث محافظ البنك المركزي، علي محسن العلاق، مع وفداً من خبراء مؤسسة التمويل الدولية (IFC) التابعة للبنك الدولي، مشاريع الأسواق المالية في منطقة المشرق، وجرى خلال اللقاء، وفقاً لبيان أصدره البنك المركزي، وضع خطة لإنشاء (شركة لضمان القروض)، والتي اقترحها المحافظ في وقت سابق ضمن دراسة شاملة قدمها بشأن بناء قواعد ستراتيجية وطنية للإقراض المصرفي، فيما يتولى كادر البنك المركزي بناء الستراتيجية الوطنية للإقراض على وفق ماجاء فيها من قواعد .

ويمثل إنشاء شركة لضمان القروض، بحسب بيان المركزي، عاملاً مهماً لتحفيز الإقراض، بتخفيض نسب تعثُّر تسديد القروض التي يعاني منها القطاع المصرفي في العراق .

بدوره، يرى المستشار صالح، خلال حديثه لـ"الصباح" أن "التعثر في استرداد القروض يتفاوت في بلادنا بين السنوات والمراحل التي مر فيها النشاط الاقتصادي، ففي فترة من الاضطراب المصرفي لسنوات بعد العام 2003 والتي انطوت على سياسات التوسع في منح قروض أو أئتمانات نقدية بضمانات ضعيفة، تعرض خلالها الجهاز المصرفي الحكومي إلى تعثَّرات في استرداد قروض نقدية ممنوحة بلغت تعثراتها نسبة 28 بالمئة وهي نسبة خطرة جداً إزاء المعدل العالمي المقبول بين 3 – 6 بالمئة كحد أقصى،  وهو المعدل الذي يقبل لمواجهة مخاطر التعثُّر في استرداد القروض النقدية كي تتحوَّط المصارف باحتياطات حول رأس المال، والتي يطلق عليها تسمية "مخصص القروض المتعثر" .

وعلى الرغم من تحسًّن آليات  التحصيل المصرفي بالغالب، إلا أن صالح يرى أن  حالات التعثُّر في تحصيل القروض مازالت تزيد على ضعف المعدل العالمي المقبول للتعثُّر في نطاق قبول حالات طارئة ونادرة. وعلى الرغم مما تقدم، يؤكد المستشار المالي الحكومي، أنَّ "مؤسسات ضمان القروض او الائتمان في العالم تعد اليوم من أكثر الوسائل الفعالة لمساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الوصول إلى التسهيلات المالية، وهذا ما نتطلع إليه اليوم في توفير روافع تمويلية مرنة تساعد تدفقاتها على تحريك فاعل لنشاط التنمية الذي يرتبط ارتباطا ً مباشراً بسوق العمل والتصدي لمشكلات التشغيل ومعضلة البطالة" .

من ناحيته، لفت الخبير المالي والمصرفي، الدكتور محمود داغر، خلال حديثه لـ"الصباح" إلى أن "مبادرة المركزي تمثِّل خطوة باتجاه تحفيز المصارف لمنح قروض ميَّسرة للمواطنين وبشكل أكبر وأوسع، الأمر الذي دفع نحو تأسيس شركة للضمان تتحمل جزءاً مهم من مخاطر تلك القروض التي عادة ما تقع على عاتق المصارف حينما يتعثَّر المقترض بتسديدها" .

وأوضح داغر، أن "العراق يمتلك شركة لضمان القروض لكنها برأس مال منخفض، لذا أقدم المركزي على إنشاء شركة ضمان كبيرة لا تقل أهمية عن شركة ضمان الودائع، التي أُنشئت برأس مال مرتفع وأسهمت بها جميع المصارف العراقية التي تضمن جزءاً مهماً من ودائع المواطنين، في حين الشركة المزمع تأسيسها تضمن مخاطر القروض التي تدفعها المصارف للجمهور (شركات وأفراداً) بحيث تجعل المصرف أكثر قدرة على منح قروض إضافية" .

وعلى العكس من الرأي السابق، أبدى الخبير المالي والمصرفي، عبدالحسين المنذري، في حديثه لـ"الصباح" استغرابه من تأسيس تلك الشركة، مبيناً وجود شركة كفالات للقروض تعود إلى عدد من المصارف قامت بتأسيسها قبل عدة سنوات" . كما لفت المنذري، إلى أن "أغلب المصارف تعاقدت مع الشركات الحكومية للتأمين على قروضها، وبينهم عقود منذ عدة سنوات ومنها قروض مبادرة البنك المركزي" .

ولم يبتعد كثيراً الخبير المالي والمصرفي، عبدالرحمن الشيخلي عن الرأي السابق، حينما أوضح لـ"الصباح" "وجود شركة لضمان القروض تعمل بشكل حقيقي في الوقت الحالي لكن بشكل أقل مما هو مطلوب، وتعمل على ضمان القروض لقاء عمولة بسيطة (غير ملزمة للزبون)" معتبراً التوجه نحو تأسيس شركة لذات الغرض "حلقة إدارية إضافية" .

إلى ذلك، عد عضو جمعية الاقتصاديين العراقيين، الباحث الاقتصادي مقدام الشيباني، خطوة البنك المركزي العراقي لإنشاء شركة لضمان القروض بالتعاون مع مؤسسة التمويل الدولية "خطوة في الاتجاه الصحيح" مؤكداً أنها ستُسهم في فتح الباب أمام الاقتصاد العراقي والمصارف العراقية بجلب المزيد من الاستثمارات الدولية، لاسيما الاستثمارات الموجهة نحو أهداف التنمية المستدامة والتي ينفذها القطاع.

وبيَّن الشيباني، أن واحدة من مهام مؤسسة التمويل الدولية هو العمل على دفع عجلة التنمية الاقتصادية إلى الأمام وتحسين حياة الأشخاص من خلال تشجيع نمو القطاع الخاص في البلدان النامية.

وأكد الباحث الشيباني، أن "وجود شركة لضمان القروض وبمساعدة مؤسسة التمويل الدولية يشجع الكثير من المستثمرين والبنوك العالمية على تمويل مشاريع داخل العراق، لاسيما من قبل القطاع الخاص" .