احمد بشي
تصوير: نهاد العزاوي
نهضت من كبوتها، لكنها استفاقت على واقع مرير، جعلها خارج حلبة التنافس مع نظيراتها العربية، هكذا يصف المتابعون حال الدراما العراقية. فحسب قول الناقد الفني باقر أحمد فإن الأعمال الفنية في شهر رمضان هذا العام، شهدت تطوراً في محاكاة الواقع العراقي، قياساً بالأعوام الماضية، لكنها رغم ذلك لم تلب طموح المتلقين، الذين ما زال أغلبهم يفضل شاشات القنوات العربية.
العديد من النقاد كان لهم رأي قريب في وصف الدراما العراقية، لكن يبدو أن أغلبهم لم يطلع على الواقع الفني عن كثب، والتحديات والمشكلات التي تواجه الفنان العراقي، وتحول دون أن يظهر بالمستوى المطلوب، رغم طموحه بتقديم الأفضل.
إحباط
ويقول الفنان اياد راضي: "إن الدراما العراقية، ما زالت تفتقر إلى النص الجيد، لعدم وجود كتاب دراما حقيقيين، الأمر الذي يتسبب باحباط الممثلين". مشيراً في هذا الصدد إلى أن "الكتّاب السابقين تقدم بهم العمر، وآخرين هجروا المهنة بعد أن أصابهم اليأس".
ويضيف راضي في حديثه لـ (الصباح) أن "الدراما تفتقر إلى منتجين، إذ إن هناك منتجاً منفذاً فقط يعمل لصالح قنوات، وليس بماله الخاص، وبذلك يكون العمل الفني في المحصلة غير مكتمل"، مبيناً أن "الارتقاء بالدراما يكمن بأن يكون هناك منتج برأس مال شجاع يأخذ على عاتقه مسألة التسويق أسوة بالمنتجين في الدول العربية".
ويؤكد أن "هذه الأسباب جعلت من الأعمال الفنية العراقية محلية وليست لها سوق للبيع، بمعنى دراما لا تصدّر إلى الدول وهذا سبب يجعلها تراوح في مكانها ولا تتقدم، كونها بعيدة عن ساحة المنافسة".
أمل
ورغم هذه التحديات، ونقاط الضعف، إلاّ أن راضي يعرب عن تفاؤله بمستقبل الدراما العراقية، بقوله: "مستقبل الدراما العراقية يبشر بخير، ولو لاحظنا نتاجات هذه السنة فهي أكثر من السنوات التي سبقتها"، مؤكداً أن "هذا الكم من الإنتاج سيولد نوعاً من جودة الإنتاج".
ويؤكد أن "كثيراً من الفنانين الذين أعرفهم خاصة من فئة الشباب لديهم مثابرة واصرار بأن يقدموا عملاً جيداً، بعيداً عما تريده القنوات وعن هموم المادة والربح، وهؤلاء يحرصون على أن تكون لهم بصمة مميزة".
مشيراً بقوله "على مدى سنتين إلى ثلاث سنوات سيكون للدراما العراقية مكان وشأن في الساحة العربية".
دعم
يرى نقيب الفنانين الدكتور جبار جودي، أن "هناك دوائر متعددة تتحمل مسؤولية الارتقاء بالدراما العراقية، من أهمها شبكة الإعلام العراقي لكونها هي المؤسسة الأم ومن ضمنها أيضاً نقابة الفنانين العراقيين التي لا تألو جهداً في تقديم كامل الدعم لأجل الدراما العراقية".
ويضيف في حديثه لـ (الصباح): "بالنسبة لنا كنقابة نقدم دعماً كاملاً للأعمال الفنية والدرامية من خلال استحصال جميع الموافقات اللازمة لغرض التصوير وكذلك الموافقات الأمنية واللوجستية".
أما بخصوص الدعم المالي، فيقول جودي "لا يوجد أي دعم مالي ولكن نستبشر خيراً بموازنة ٢٠٢٣ لخدمة الأعمال الدرامية".
أما الاختلاف في تقييم الأعمال الفنية، فهو والحديث لنقيب الفنانين، يخضع لمعايير علمية وفنية، مشيراً إلى أن "هناك لجاناً مختصة لقراءة النصوص في نقابة الفنانين ومنح الترخيص لكل الأعمال الدرامية".
شحة التخصيصات
قلة الدعم المالي، أحد أسباب تراجع الدراما العراقية، لا سيما في شبكة الإعلام العراقي، الممولة من المال العام.
وبحسب مدير القناة العامة في شبكة الإعلام العراقي، نوفل عبد دهش، فإن أسباب توقف إنتاج الدراما في الشبكة تعود إلى شحة التخصيصات المالية.
وأشار في حديثه لـ (الصباح) إلى أن عدم إقرار موازنة مالية لسنة 2022، وكذلك تأخر موازنة العام الحالي، حال دون إمكانية إنتاج أعمال درامية تليق بالمشاهد العراقي وتلبي رغباته وطموحه.
وبشأن اختيار الأعمال الفنية في رمضان، نوه مدير قناة العراقية إلى أن الدورة البرامجية في هذا العام وكل عام، يتم إعدادها بشكل مدروس، لتشمل مجموعة من البرامج الدينية والصحية والمسابقات والبرامج المنوعة، ويتم اختيار هذه البرامج بعد مناقشات مستفيضة وتبادل الآراء والأفكار، من قبل فريق إعداد متخصص في القناة، ووفقاً لمعايير دقيقة.
مناخ مناسب
هيئة الإعلام والاتصالات تؤكد أن الدراما العراقية والفن العراقي عموماً، في تطور مستمر.
ويشير الرئيس التنفيذي للهيئة الدكتور علي المؤيد، إلى أن القنوات العراقية أنتجت العديد من المسلسلات والبرامج الهادفة في شهر رمضان، وأن الهيئة قدمت بدورها تبرعات بمبالغ كبيرة لنقابة الفنانين لإنجاح هذه الأعمال الفنية، كما قامت بدعم المؤتمرات والورش التي تهتم بالجانب الفني.
وأضاف المؤيد: أن الهيئة عادة ما تعمل على توفير المناخ المناسب لدعم وسائل الإعلام، من أجل إنتاج أعمال فنية هادفة ترسخ قيم المواطنة، وهي لا تتدخل في مراقبة هذه الأعمال قبل بثها، وإنما دورها يقتصر بحسب القوانين، على تطبيق لائحة قواعد البث الإعلامي، ومدى التزام القنوات بهذه اللائحة.
للحكومة دور
المستشار الثقافي لرئيس الوزراء، الدكتور عارف الساعدي، يشير إلى أنه تم عقد عدة ندوات بحضور أغلب الفنانين والمنتجين وكتاب السيناريو، من أجل الوقوف على المعوقات التي تواجه الدراما العراقية.
ويؤكد أن هذه اللقاءات والندوات تهدف إلى إيجاد ورقة علمية قانونية، يتم رفعها إلى رئيس مجلس الوزراء، من أجل إقرارها، بما يدعم الدراما ويرتقي بمستوى الأداء، مبيناً أن المقترحات تدور في ثلاثة اتجاهات، أولها اسناد هذا الدور إلى شبكة الإعلام العراقي، أو من خلال صندوق دعم الدراما، والمقترح الثالث تأسيس شركة فنية جديدة تتبنى هذه المهمة.