علي حسن الفواز

قد تبدو الانتخابات التركية مفصلية في معطياتها، وقد تبدو مثيرة لتعقيدات سياسية أيضاً، وما بين الأمرين ستكون «الديمقراطية» هي الرهان على القبول بالمتغيرات، أو باستمرار سياسة الرئيس الحالي رجب الطيب أردوغان.

مفصلية الانتخابات تكمن في تأثيراتها في الواقع التركي، وفي المنطقة، وحتى في طبيعة الانحيازات الدولية، فسياسة المعارضة التي يقودها كمال كليتشدار أوغلو قد تبدو أكثر انحيازا للغرب، مقابل سياسة أردوغان المتوازنة، كما أن علمانية المعارضة تثير جدلا حول الطابع الإسلاموي لستراتيجيات أردوغان في إدارة الحكم، وهو ما بدا واضحا في سلوك المُتنافسَين، فقد ذكرت وكالات الأنباء أن الرئيس أردوغان اختتم حملته الانتخابية بزيارة جامع آيا صوفيا، واختتم رئيس المعارضة كليشدار أوغلو حملته بزيارة ضريح المؤسس العلماني للجمهورية التركية كمال أتاتورك.

ما بين الجامع والضريح تتبدى بعض مظاهر الصراع الانتخابي، برغم أن مشاكل تركيا الاقتصادية وتداعيات الزلزال المدمر الذي ضرب جنوبها، وطبيعة موقفها من الصراع الروسي الأوكراني، هي الأكثر واقعية وتأثيرا في مسار الخيارات الانتخابية التركية..

الخوف من التغيرات الانتخابية، على مستوى التمثيل الرئاسي، أو على مستوى التمثيل البرلماني، ستكون له تداعياته، وتأثيراته، وربما ستدفع إلى مزيد من الاحتدام السياسي بين “الرئاسة” التي يمثلها أردوغان، وبين أحزاب المعارضة الستة التي يقودها منافسه كليشدار أوغلو، والتي تحالفت للبحث عن تغيير سياسي يُطيح بحزب العدالة والتنمية، ويُعيد تركيا إلى علمانيتها، كما تقول اليافطات الانتخابية، لكن ذلك ليس سهلا، فالزمن السياسي الذي كرّس مظاهره أردوغان، وخصوصية إدارته لكثير من الملفات، لاسيما ملف التغيير الدستوري بنقل  الحكم من البرلماني إلى الرئاسي، وكذلك نجاحه في إدارة بعض ملفات السياسة الخارجية، فضلا عن إجراءاته الرادعة بعد فشل الانقلاب العسكري عام 2016 التي تمثلت بإزاحته لكثير من القادة العسكريين الذي كانوا يهددون سياسته..

هذه المعطيات سيكون لها أثر ضاغط في الانتخابات، لكنها ليست حاسمة، فما زالت استطلاعات الرأي تُرجِّح كفة المعارض كليشدار أوغلو بنسبة ضئيلة، وفي حالة عدم حصول أي من المرشحين على أكثر من نصف أصوات الناخبين في الجولة الأولى، فستكون إعادة الانتخابات الرئاسية أمرا محتوما للفوز بالكرسي الرئاسي في الـ 28 من شهر أيار الحالي.