الاستيراد العشوائي والتحكم في حركة السوق المحليَّة

ريبورتاج 2023/05/17
...

 احمد الفرطوسي

 تصوير: مصطفى الجيزاني


الاستيراد بشكل عام هو نشاط تجاري مهم جداً لأي بلد لسد الحاجة الداخلية وتبادل السلع والمواد، ولكن ليس على حساب المنتج أو النشاط المحلي لخلق سوق تنتعش فيها البضائع وتستقر الأسعار، وخصوصاً في أوقات ذروة الطلب عليها، والتخطيط لها مسبقاً عامل مهم في نجاح هذا النشاط الاقتصادي أو ذاك.


موازنة الأسعار

المواطن حميد عقيل الربيعي (57 سنة) صاحب أسواق للمواد الغذائية شدد على ضرورة توفير السلع التي يستهلكها المواطن بشكل يومي ومن بينها المواد الغذائية بأسعار معقولة وميسرة. 

وأضاف أن حركة السوق قبل حلول شهر رمضان تنتعش أكثر منه خلال الشهر أو عند أواخره، الأمر الذي يتجدد في كل سنة مع مخاوف المواطنين وشعورهم بالقلق ومما يخشاه الكثير من عملية ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية ومنها الفواكه والخضر.

لذا كان من الضروري دراسة هذا الموضوع بعملية وموضوعية وفتح باب الاستيراد أو السماح بدخول تلك المواد لتسهم في عملية توازن الأسعار وسد النقص الحاصل وعدم الاكتفاء ذاتياً منها وارتباك السوق المحلية بارتفاع الأسعار، إذ كان من الأجدر للحكومة أن تسمح بالاستيراد لتلك المواد قبل حلول الشهر الفضيل وليس في منتصفه.

الربيعي عد ذلك من الأخطاء الكبيرة وأنه قرار متأخر في فتح المنافذ الحدودية لدخول المواد الغذائية بعد أن أخذت الأسعار مأخذها في الارتفاع بشكل لافت واحتكار بعض النفوس الضعيفة من تجار هذه المواد والتلاعب بقوت المواطن في وقت تكاد تكون الجهات الرقابية على الأسعار غائبة عن ذلك.

ودعا العبيدي وزارة التجارة إلى فتح مراكز تسويقية محلية كانت أم أجنبية لغرض طرح بعض المواد الضرورية بأسعار تنافسية والسيطرة على سعر كل مادة منها وبالعملة العراقية وبالنتيجة تتم السيطرة على ارتفاع الأسعار في السوق المحلية، والتي تتلاءم وطبيعة دخل أفراد الشعب العراقي.


قرار مفاجئ

بينما يؤكد المواطن خضير ياس الشمري (38 عاماً) وهو أحد تجار الجملة للمواد الغذائية أن تنظيم عملية الاستيراد لا بد أن يكون حسب الحاجة الفعلية للمواطنين من المواد الغذائية ومعرفة ارتفاع الطلب عليها، وخصوصاً في المناسبات الكبيرة کشهر رمضان المبارك أو الأعياد والمناسبات الأخرى دينية أو وطنية.

وهذا الفعل يمكن أن يجنب المواطن الكثير من المعاناة ويسهم في عدم هدر أمواله.

ويضيف الشمري أن اختفاء بعض المواد الأساسية والضرورية أو قلتها يتسببان بقرار مفاجئ في ادخال كميات كبيرة من المنتجات الزراعية من الفواكه والخضر. 

ووصفه بأنه قرار غير مدروس بل يعتمد على الأهواء والمصالح الشخصية ويجب أن تكون هناك انسيابية في استيراد المواد وادخالها للسوق المحلية بشكل طبيعي لما له من تأثير كبير في المواطن كمستهلك. 

ولفت إلى ضرورة تشجيع المستثمرين والقطاع الخاص لتوريد المواد الغذائية الرئيسة والتي تدخل في أولويات المواطن.

وتابع: لكي يمارس التجار عملهم من الأفضل التعاقد معهم وفقاً لشروط قانونية منها الخبرة والمواقع ذات المستودعات الخاصة للمواد الغذائية والفواكه والخضر لتوفير البيئة الملائمة لكل نوع منها، فضلاً عن الشاحنات والمركبات التخصصية الحديثة لنقل وادخال هذه المنتجات.


حركة الصناعة

التربوي حبيب شبر يشير إلى أهمية تنظيم منهجية لاستيراد المواد كافة، ومنها الأساسية ومن مناشئها الرصينة لسد حاجة السوق وما يحتاجه الفرد من خلال شركات تعتمدها الحكومة العراقية عند الطلب أو حدوث الأزمات، وبالمقابل فعلى الحكومة دعم المعامل والمصانع في العراق وتفعيل حركة الصناعة بالمنتج العراقي على أن تكون المنافسة ضد المستورد وإلا سوف يكون هناك ارتفاع بالأسعار وازدياد البطالة بشكل نسبي، لأن المستوردين يعتمدون على أعداد من العمالة وهذا ما تعتمده مكاتب الاستيراد للمواد الغذائية في تشغيل أكبر عدد ممكن من العاملين.

وأضاف : هنا لا بد من وجود البديل الذي يحقق القدر الكافي لتغطية السوق المحلية في حالة غلق المنافذ الحدودية أمام استيراد أي نوع من المواد ومنها الضرورية والتي تدخل ضمن الاستهلاك اليومي للمواطنين.


شراء الأراضي

بينما يرى التدريسي في كلية الإدارة والاقتصاد الدكتور سالم صلال أنه في حال عدم قدرة الدولة على تأمين بعض السلع والمنتوجات الأساسية في سد حاجة السوق والمواطن وخصوصاً المواد الغذائية والفواكه والخضر، ويمكن لها أن تعتمد على شراء مستثمرين للمساحات الزراعية الشاسعة في بعض البلدان لاستثمارها، مؤكداً أن هذا الأمر ليس حديثاً أن تقوم مجموعات عدة دول غربية نشطة في مجال الاستثمار الزراعي أو تأجير مساحات زراعية في بلدان أخرى.

مشيراً إلى وجود شركات عديدة متمركزة في كل من الصين والمملكة العربية السعودية وكوريا الجنوبية شرعت في الاستثمار في هذا القطاع ومنذ اندلاع الأزمة العالمية في العام 2008 وتعود تلك الأزمة إلى القرار الذي اتخذه 25 بلداً منتجاً بخفض الصادرات الزراعية.

وأدى ارتفاع أسعار النفط إلى زيادة الإقبال على الوقود الاحيائي وإلى البحث عن مساحات شاسعة لإنتاج النباتات الضرورية.


أساليب وتقنيات

ولفت صلال إلى أن الشركات المستثمرة في المجال الزراعي والغذائي تستخدم أساليب وتقنيات مختلفة من أجل اقناع أصحاب الأراضي ببيع أو تأجير أراضيهم.

داعياً الحكومة العراقية إلى وضع ستراتيجية وطنية للنهوض بقطاع تأمين الغذاء وخلق فرص أوسع في تنمية الصناعة والزراعة، فضلاً الاستفادة من الخبرات والكفاءات المحلية والأجنبية تحسباً لحدوث أزمات عالمية كارثية وخير دليل على ذلك ما حصل جراء الحرب الروسية الأوكرانية من أزمة اقتصادية تأثرت بها أغلب دول العالم.