رياض النعماني

ليس بإمكان الكتابة النقدية أن تستنفد العالم المترامي والمتنوع العميق لقصيدة الشاعر مظفر النواب، كما لا تستطيع تعدد القراءات أن تفكك البنى المعرفية المتراكبة لنص يأتي من جهات لا تحصى ( الحلم ، اليقظة العالية .. لحظة الشفير .. الاندفاع الشرس للعبارة ..    لنصه الذي يأتي من  المواجهة المريرة مع الموت او اللحظة الحسية مسرفة الرذاذ والنعاس والمخمل).
عودتني انتظر ، وارسم 

    على الايام موعد ..

  وبماي الورد 

     غركان شمامه .

     أو

هذوله  إحنا سرجنه الدم

     على اصهيل الشكر يسعود 

وكعمل الخالق الذي لا يهمل شيئا في عملية الخلق  حيث يؤثث أرض التكوين بلغة تفرش و تفتح المشهد على نهاياته الواسعة يهيئ مظفر النواب دخوله الشعري مستعينا بعناصر وممكنات بصرية وصوتية غنية جدا يثري بها بدايات عالم القصيدة التي يكتبها بأنشاء صوري لغوي يستعير قوته وامتداده من جذور خفيه في اعماق مرجعيات ثقافته الواسعة  والضاربة   في اسرار تجربته الشعرية التي تتشكل في برهة روحية بعيدة جدا ، وخاصة جدا ترفع لحظتها الجمالية هكذا 

أواكح جني إيد اتفوج 

    ومكطوعه أصابعها 

      أشوغ اويه الشمس ليفوك 

 اعاتب مدفون بنباعيها  

     إتحفر بي مساحيها 

  في هكذا  تشكيل صوري ، يستدعي عرامة لغوية حادة واحتدام مواجهة مدوي يبني مظفر علاقات عالمه المتنافر  ويوحد

 متناقضاته في خبرة نادرة جدا  تجمع خطوط الحركي الصاعد  بالنازل 

اواكح

اشوغ

ليفوك

مدفون 

  اتحفر  .

تاركا بنية صورية على احتمالات عديدة لا تغلق التركيب في عبارات قطعية 

عين الما تشوف احبابها الحلوين 

   ماهي عين 

   اولا هي بعمه .. او لا هي اتشوف 

  اولاهي اتنام 

مظفر النواب شاعر النهضة الشعرية العراقية التي فجرت الذائقة الجمالية والفكرية والحسية لدى الكائن العراقي، وجددت وعيه الجذري لذاته وللعالم الذي يحيطه بعناصر ثقافية غيرت نظرته  وعلاقاته بالاشياء، بهذا يكون مظفر خالقا آخرا لعالم وكائن 

جديدين.