شاعر السجون ومُنشد الحرية

ثقافة شعبية 2023/05/18
...

 سعد صاحب  


السجن حالة سلبية, لانه يعني العزل والابتعاد والعقاب والاهمال, وانقطاع المسجون عن مباهج الحياة, وحالة ايجابية بقلب المعادلة ضد السلطة الغاشمة, كما حدث مع الانبياء والأولياء والمفكرين والمتصوفة والشعراء وأصحاب الرأي السديد .(وابنج شمرت ليالي الغرب / كل الشبج فوكه / وايرافس جنه كوسج موت شك الشبج / لاجن كلبه من اسنين / طك اخياره طك ومات/ مرات العمر / خفك او فرفح اوانذبح مرات ). والسجن الحقيقي هو حبس الذات في دوائر ضيقة، وليس المكوث خلف القضبان الحديدية الباردة, والسجين المعذب في الطوامير الموحشة, حر الارادة والروح و الفكر والضمير والعقل, والعبودية ليست بالقيود والسلاسل وانما بالاذلال أمام المادة, والتبعية إلى الاهواء والطغاة والمناصب، والحرية تنبع من داخل النفس التواقة، للسمو والتطهر والارتفاع عن الدنايا والذنوب .( وبكد المعاتب يا عزيز الروح / اهليلك واكولن جيت / لو خرخشة كصبة ليل / افزن يا جبير البيت / واكولن أي وحك الله اصدكت / مثل الربيع اعلى الزرع رديت ). 


سرد 

النواب في أكثر من قصيدة، يطوع السرد إلى الشعر، دون أن يفقد البوصلة، مستفيدا من تقنيات القص في كتابة القصيدة، فتشعر أنك تقرأ قصة قصيرة جدا، أو ومضة بارقة توفي بالفكرة المتبناة من قبل الشاعر، وهي بالتأكيد حكاية حقيقية أو خيالية، مغلفة بالايهام والأزمنة والأماكن والأحداث، وخلط الاشياء بطريقة ذكية، لاسيما تلك التي عاشها في زمن الطفولة .( يا نهران اهلنه السجه عدت / والجسر مر فوك البساتين / شايل كل حزن تشرين / واشرناله يمكن شافنه وما شافنه / وفات وبعد ما فات ). 


صيرورة 

الكتابة تحتاج إلى مواجهة كبيرة، مع مختلف السلطات القامعة، والمبدع يخاطر بحياته حينما يفصح عن رأي صريح، وربما يفقد حضوره الإنساني لأجل اثباتات جديدة، في الشعر والوجود والصيرورة والسياسة، والشاعر يدرك قيمة ما يكتب اكثر من سواه، والحقيقة المرجوة يجدها غائبة بارادة فاعل، والكل يتخبط في واقع هزيل، ومحاولة اللحاق بقاطرة الزمن الراكض فاشلة، وثمة تنافر واضح بين العقل وبين ما يجري من الامور .(يا نهران اهلنه وها وصلنه / ولن خبط ماي العروس / بلا سبب والتمو الشمات / لامونه وبجوا وعيونهم تضحك شماته / حبيبه يا نهران اهلنه / وصفطوا احجايات 

واحجايات ). 


مشاعر ناعمة

البصيرة في الحب، ان تحب الاعداء قبل الاصدقاء، وان تغدق بالمودة والحنان على كل البشر، ولولا هذه المشاعر الناعمة، يصبح الانسان كوما من الاحجار، تسد على العابرين الطريق . والعشق السامي يجعل المحبين في حالة رائعة، وهم ينثرون الازهار في كل مكان، ولا يعرفون الانانية والتكبر والغرور، والشخص الذي يعشق نفسه جدا، تنفر منه الناس، ومن يحنو على الأطفال والضعفاء والقاصرين، يكون مثالا يحتذى به من الجميع . (جنت اتانيك بمحطات الصبر لي منزلت / والروح مرهونه كلبدون ابعباتك / يلطبع روحك طبع عكدة بريسم / جا بعد روحي 

شحلاتك ).


فرسان 

من معجزات الحب أنه حول الجبناء إلى أبطال، والعقلاء إلى مجانين، والبخلاء إلى حالة من العطاء فريدة، والملوك إلى أذلاء يركعون أمام عيون حبيباتهم الباسمة، والقساة إلى رقة في الطباع، تشبه عذوبة النسيم في الليالي المقمرة، والاميون الذين لا يجيدون القراءة والكتابة، إلى شعراء عظام، يكتبون الصور العجيبة، ويأتون بكل صعب لا يطال .(انته تموت يبن امي / تظل عيونك مفتحات / حتى لو خذاك

الموت ).