لارا جيكس
ترجمة: أنيس الصفار
الصواريخ الجديدة بعيدة المدى والطائرات المسيرة الهجومية والدبابات وغير ذلك من المركبات المدرعة التي حصل عليها الرئيس “فلوديمير زيلنسكي” من الحلفاء في الأيام الأخيرة سوف تلبِّي الكثير من متطلبات السلاح الذي تقول أوكرانيا أنها بحاجة إليه لشنِّ هجوم مضاد على روسيا، ولكن ليس كلها.
يعتقد المحللون العسكريون أن قسطاً من دفعات الأسلحة الغربية الأخيرة على أقل تقدير سوف ترسل على وجه السرعة إلى الخطوط الأمامية لقطع طرق إمدادات الروس وضرب أنظمة مدفعيتهم ومراكز قيادتهم في جنوب أوكرانيا وشرقها. بعد ذلك ثمة أسلحة أخرى قد يجري تسليمها في وقت لاحق، ربما في الخريف أو بعده، لمساعدة زيلنسكي على التخطيط لعمليات مستقبلية إذا ما طال أمد الحرب.
بيْدَ أن الحزمة النشطة، التي أعلن عنها خلال زيارة السيد زيلنسكي أربع عواصم أوروبية في الأيام القليلة الماضية، قد تنمُّ عن أن المسؤولين الغربيين باتوا مطمئنين الآن إلى أن أوكرانيا لديها القدرة على استعادة مساحات ملحوظة من أراضيها في الهجوم المضاد، كما يقول “جاكوب فانك كركغارد” المسؤول السابق في الاستخبارات العسكرية الدانماركية.
يقول كركغارد، الذي يشغل حالياً منصب زميل أقدم في مجموعة أبحاث صندوق مارشال الألماني ببروكسل: “نحن ما كنا لنعهد بكل هذه الكمية من الأسلحة إلى أوكرانيا لو كنا نعتقد أن احتمال نجاحها بعيد. «
يأمل بعض المسؤولين الغربيين أن أوكرانيا سوف تمتلك ذراع ضغط أقوى في أية مفاوضات سلام إذا ما تمكنت من تحقيق مكاسب مهمة على الأرض.
في الأسبوع الماضي حذَّر زيلنسكي من أن الهجوم المضاد المرتقب على روسيا، الذي كان متوقعاً أن ينطلق خلال الربيع الحالي أو مع أوائل الصيف، قد يتأجل ما لم تحصل كييف بسرعة على مزيد من الأسلحة.
في ظرف ساعات من ذلك جاء رد الحلفاء الأوروبيين. لعل الالتزام الأهم والأقوى هو ذلك الذي جاء من ألمانيا التي أعلنت، حتى من قبل أن يهبط زيلنسكي في برلين، بأنها سوف ترسل إلى أوكرانيا 30 دبابة إضافية من نوع “ليوبارد” و20 مركبة قتال مدرعة و 16 منظومة دفاع جوي وأكثر من 200 طائرة مسيرة ومجموعة كبيرة من الأسلحة الأخرى والذخائر. كذلك أعطى قادة فرنسا وإيطاليا أيضاً وعوداً أقل وضوحاً بإرسال دبابات خفيفة وذخائر وأنظمة دفاع جوي.
دبابات “ليوبارد” ومركبات المشاة القتالية الإضافية التي توشك ألمانيا أن ترسلها كجزء من حزمة تبلغ قيمتها 2,7 مليارات يورو، أي ما يقارب 3 مليارات دولار، سوف تكون مفيدة إلى أقصى درجة في سهوب أوكرانيا الجنوبية حيث التضاريس التي يسيطر عليها الروس مناسبة جداً لمعارك الدبابات أو فنون المناورة الحربية، كما يقول كركغارد.
لكن “ماكس برغمان” مدير برنامج أوروبا وروسيا وأوراسيا في مركز الدراسات الستراتيجية والدولية بواشنطن، يشير إلى أن من غير الواضح إن كانت جميع الدبابات الألمانية المتعهد بها حديثاً سوف تصل قريباً. (حيث أن برلين قد سلَّمت أوكرانيا بالفعل 18 دبابة من نوع ليوبارد).
بيد أن التعهد، كما يقول برغمان، سوف يساعد في منح أوكرانيا درجة من الشعور بالاطمئنان والثقة في وقت يعكف المخططون فيه على الإعداد لمعركة طويلة الأجل.
وفقاً لتقديرات عسكرية أميركية سرية سرّبت مؤخراً أن نسبة 31 بالمئة من الدبابات و76 بالمئة من مركبات القتال المدرعة الأخرى فقط قد سلمت إلى أوكرانيا حتى مطلع شهر آذار الماضي استعداداً للهجوم المضاد المقبل، ولو أن المسؤولين الأميركيين يقولون إن ما تم تسليمه خلال الأشهر التالية يفوق ذلك بكثير. كذلك تعهدت إدارة بايدن بارسال 31 دبابة من نوع آبرامز أميركية الصنع إلى اوكرانيا، ولكن هذه الدبابات لا يتوقع وصولها قبل الخريف كأقرب موعد.
أنظمة الدفاع الجوي الجديدة التي وعدت بها أوكرانيا قد تساعد في تخفيف قلق الأميركيين من عدم امتلاك الأخيرة ما يكفيها لحماية نفسها مع اقتراب موعد الهجوم المضاد، لأن أربعة من أ صل 16 نظام دفاع جوياً تعهدت ألمانيا بإرسالها حديثاً تعدّ من بين الأعلى تطوراً في الساحة.
صواريخ “ستورم شادو” بعيدة المدى التي تعهدت بريطانيا مؤخراً بإرسالها سوف تساعد في إجابة طلب قديم لأوكرانيا. أما الولايات المتحدة فإنها تقاوم حتى الآن فكرة إرسال صواريخ أميركية بعيدة المدى إلى أوكرانيا، وجانب من السبب وراء ذلك هو تجنب التصعيد المحتمل في الحرب بأسلحة يمكن أن تستخدمها أوكرانيا للنيل من الأراضي الروسية.
يقول كركغارد: إن الطائرات المسيّرة بعيدة المدى التي تعهدت بريطانيا بإرسالها تمثل تهديداً بشكل خاص على أسطول البحر الأسود التابع للبحرية الروسية في ميناء سيفاستيبول ومواقع أخرى من شبه جزيرة القرم أو بالقرب منها، بما في ذلك جسر مضيق كيرش الذي يصل شبه جزيرة القرم المحتلة بروسيا، ومن المعلوم أن القرم كانت المنطلق الرئيس للقوات الروسية العاملة في المناطق التي تم الاستيلاء عليها في جنوب أوكرانيا.
* عن صحيفة “نيويورك تايمز»