بغداد: حسين ثغب التميمي
شدد خبراء اقتصاد ومتخصصون على حتمية محاربة الفساد المالي والإداري، ووضع قطار البلاد على سكة الأداء الصحيح ليتجه صوب محطات التنمية المستدامة وبشكل مرحلي، مؤكدين أهمية تفعيل الإجراءات القانونية التي تحد منه واعتماد الأنظمة الإلكترونية والأتمتة بين مؤسسات الدولة، بالتزامن مع ذلك، أوضحت رابطة المصارف الخاصة أن أدوات الدفع الإلكتروني هي إحدى الأسلحة في القضاء على الفساد المالي والإداري، مشيرة إلى أن التحول الرقمي سيقضي على الرشوة والفساد.
ويترقب العراق إطلاق مشروع الدفع الإلكتروني (pos) في الأول من حزيران 2023، بعد أن أعلن البنك المركزي تنفيذ عملية الدفع الإلكتروني بدلا من النقدي تماشيا وانسجاما مع التطورات الاقتصادية في أغلب بلدان العالم بهدف خلق نظام نقدي يتمتع بالثقة والأمان في عملية التداول النقدي للعملة العراقية.
المستشار المالي لرئيس الوزراء د. مظهر محمد صالح كان قد وصف الفساد بجميع أشكاله بأنه الصراع بين الخير والشر، وقال: إن "هذا الصراع يتطلب إيجاد دور حقيقي للمؤسسات القانونية التي تكون ملزمة بتطبيق جميع الفقرات القانونية للحد من الفساد وأن لا تدع له منفذا ليربك واقع الأداء في مختلف مفاصل الدولة ".
وأشار إلى أن "غياب الإجراءات القانونية الفاعلة يشجع على توسع دائرة الفساد، الأمر الذي يحتم تفعيل التشريعات القانونية التي لا تسمح بظهور مسارات للفساد في مختلف مفاصل العمل"، مشيرا إلى أن تأثيرات الفساد في الأداء داخل مؤسسات الدولة كبيرة، لأنه يعمل على تأخير التوجهات التطويرية، كما أن شكل الفساد يتمثل في التعسف في استخدام القانون واستخدام التعليمات وضعف الانضباط وكذلك انعدام الضمير الوظيفي الأمر الذي يجعل الجهاز الوظيفي بحاجة إلى وعي ثقافي وإلى مواطنة".
أما المختص بالشأن الاقتصادي د. مصطفى محمد إبراهيم فقال إن "مسارات مكافحة الفساد الإداري والمالي تتطلب عدم التدخل من قبل الجميع بآليات النهوض الاقتصادي في العراق، وإبعاد المحسوبية والمنسوبية في القطاع العام التي تضعف القرار الاقتصادي، فضلا عن العمل على التخطيط والتنظيم داخل المؤسسات العراقية بمجملها لتعزيز فاعلية الأداء المؤسساتي، ووضع الإجراءات الحقيقية الصارمة في الوزارات كافة".
وشدد على "حتمية تطبيق مبدأ الثواب والعقاب بشكله الحقيقي، والدعم الكامل بالأتمتة في جميع الأعمال الحكومية، وكذلك إعادة النظر في كل القوانين والتعليمات الحكومية، لاسيما العقود، والفصل بين الكفاءة في العمل والمجاملات الإدارية، كما لابد من وضع تنظيم قانوني صحيح لجميع المؤسسات العراقية، والعمل على إعادة النظر بالتوظيف في المؤسسات الحكومية الرسمية ووضع الإطار القانوني الحديث المواكب للتطورات الإدارية".
ولفت إلى "أهمية التواصل والتنسيق من خلال تشكيل غرفة عمليات وتتم الإجابة على حميع الاستفسارات بين الوزارات وترتبط بالأمانة العامة لمجلس الوزراء، ووضع مسارات العمل الحقيقي الحديث، وتحديث نظام المعلومات في جميع الوزارات، والعمل بمبدأ الصرف الفعلي وعدم التخمين"، لافتا إلى ضرورة وضع عقوبات حقيقية لكل فاسد سواء كان سابقاً أو حاليا لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه بشكل فعلي".
يذكر أن المديرة التنفيذية لمنظمة الشفافية الدولية كانت قد قالت: "للحصــول علــى أي فرصــة لإنهــاء الفســاد وتحســين حيــاة المجتمع، لابد من معالجــة العلاقــة بيــن السياســة والأمــوال الطائلــة، فيجــب تمثيــل جميــع المواطنيــن فـي عمليـة صنـع القـرار". بدوره قال المدير التنفيذي لرابطة المصارف الخاصة العراقية علي طارق: إن "العراق بات اليوم يملك أهم مقومات القضاء على الفساد، التي تتمثل بالبنى التحتية لأنظمة الدفع الإلكتروني، إذ شهدت البلاد تطورا واضحا في هذا المفصل المهم خلال السنوات الماضية".
وأكد طارق أن "التوسع بشركات الدفع الإلكتروني في مفصل الخدمات المالية يسهم في اتساع دائرة الخدمات الآمنة التي تقدم إلى المواطن عبر نشر أجهزة الدفع الإلكتروني في عموم البلاد"، وأن البنك المركزي وبالتعاون مع رابطة المصارف الخاصة العراقية، نفذ خطة تحول نحو الدفع الإلكتروني بناءة من خلال توطين رواتب موظفي الدولة العراقية".
وكان طارق قد أشار إلى أن "أدوات الدفع الإلكتروني هي إحدى الأسلحة في القضاء على الفساد المالي والإداري، موضحا أن العراق بدأ يتطور في هذا المجال، وأن التحول الرقمي سيقضي على الرشوة والفساد بالإضافة إلى زيادة الكفاءة وسرعة التنفيذ والحماية".
أما الخبير الاقتصادي عبد الحسن الشمري فقال: إن "الفساد المالي والإداري يشغل أغلب دول المعمورة، لكونه يحمل بين طياته الكثير من السلبيات التي تؤدي إلى تراجع مستويات الأداء في جميع مفاصل البنى التحتية في الدول"، لافتا إلى أن محاربة الفساد أمر ضروري في الوقت الحاضر، لاسيما أن البلاد تتوجه إلى مرحلة انفتاح واسع نحو العالم والشركات الاستثمارية المتخصصة الراغبة في الحصول على فرص عمل داخل العراق الذي تعده سوق العمل الواعدة على مستوى المعمورة حين تتوفر البيئة المناسبة، ولذلك يجب أن نحارب الفساد بكل أشكالة".