رعد كريم عزيز
تميزت قاعة حوار، وراعيها الفنان قاسم سبتي، في بواكير نشاطها الفني لعام 2023 بعرضها مقتنيات نادرة ونفيسة للوحات بعض الرواد وآخرين ممن ينضوون تحت يافطة الحداثة والتجدد، وحمل لواء المجايلة ورفع راية التميز التاريخية منذ خمسينات القرن الماضي صعودا نحو ثمانينات القرن العشرين.
وحسب ما هو متوفر في حيازة القاعة من أعمال عراقية خالدة، وترافق هذا العرض مع تجديد أروقة ومبنى قاعة حوار مع الحفاظ على حديقتها المميزة واشجارها العتيقة في اشارة الى الاعتزاز بالأثر والحرص عليه.
وتعلن القاعة في مقدمة (الفولدر) بأن (حوار تسعى جاهدة أن تجتمع لديها أعمالا لرواد التشكيل العراقي من رسم ونحت وخزف، رغم صعوبة المهمة) وهي بالتأكيد مهمة عسيرة نسبة لقيمة هذه اللوحات، وخضوعها لعملية التأكد من اصلية هذه اللوحات والابتعاد عن سوق التزوير.
احتضن المعرض لوحة للفنان أرداش كاكافيان (1941 ـ 2000) وهي تمثل واحدة من تجليات الفن العراقي وتأثيرات الفن العالمي على فنان عراقي أرمني الاصل أعتز دائما بعراقيته.
أما لوحة اسماعيل فتاح الترك (1934 - 2004) وهو فنان تشكيلي ونحات صاحب نصب الشهيد وأبو نؤاس، فإنها بدت وكأنها من تمريناته الجريئة في تخطيطات المرأة العارية بخطوط تشير إلى النحت في تضخيم الجسد البشري.
وحازت لوحتي الفنان اسماعيل الشيخلي (1924 - 2001) بالاهتمام المميز بوضعها غلافا لفولدر المعرض والغلاف الداخلي له في اشارة الى القيمة العليا لفن الشيخلي وندرة لوحاته، وتشير لوحتيه إلى الطبيعة الغربية بقرميد سقوف اكواخها ومنحدرات السهول فيها.
وعرضت قاعة حوار لوحة للفنان جميل حمودي (1924 ـ 2003) وهي تخطيط اولي لخطوطه المميزة التي تتحول بعدها تكعيبيته التي امتاز بها في تجربته الخاصة في الفن العراقي.
أما لوحة الفنان جودت حسيب (رسام، مصمم وخطاط، ولد في الموصل عام 1943) فأنها تشير إلى بواكير لوحاته التي تحفل بالخطوط المختزلة للحركة الإنسانية وسط خضم من الألوان المتجانسة.
وتذهب لوحة الرائد حافظ الدروبي (1914 - 1991) نحو الطبيعة وهي من لوحاته النادرة باعتباره ملقبا برسام المدينة. اما الفنان خالد الجادر
(1924 – 1988) المعروف بريادته للفن التجريدي العراقي، إلا أن لوحته في قاعة حوار واحدة من لوحات الطبيعة، وتحمل ملمحا غربيا من شكل البيت الريفي ومدخنته.
وتنقلنا لوحة الفنان خضر جرجيس (1938 - 2006) والتي تمثل اشتغاله الأثير برسم الطبيعة والوانها الناصعة المشرقة بطريقة تجريدية.
أما في النحت فان قاعة حوار تفخر بحيازتها منحوتة رأس فتاة للنحات الكبير خالد الرحال (1986 - 1926) صاحب نصب الجندي المجهول، وهذه المنحوتة تحمل تاريخ خمسينات القرن الماضي.
واحتفت قاعة حوار بمنحوتة الفنان خالد عزت علي (1937 - 2021) هو نحات وفنان تشكيلي أثرى الحركة الفنية مبدعا ومدرسا للفن.
وعرضت قاعة حوار منحوتة الفنان خليل إبراهيم الورد (1923 - 1984) والذي درس فن النحت على الفنان الخالد جواد سليم. والمنحوتة عبارة عن رأس فتاة بتسريحة شعر قريبة للفن العراقي القديم.
ولا تخطئ العين لوحة الفنان راكان دبدوب (1942 - 2017) بترصيعها بفتحات مميزة تشير أحيانا الى العين او الثدي في اغلب لوحاته.
وتحتفظ قاعة حوار بلوحة الفنان سالم الدباغ (1941 - 2022) تشير إلى احتفائه بالسواد في تجريداته التي امتاز بها طوال حياته الفنية.
ومن نوادر الفن العراقي لوحة الفنان سامي حقي (1935 – 2012) الذي يتميز بالتصميم الهندسي والكرافيك في لوحة تستفاد من الحروفية داخل التصميم الكرافيكي.
وواحدة من جواهر تاريخ الفن العراقي لوحة الفنان الخالد شاكر حسن آل سعيد (1925 - 2004) صاحب مدرسة البعد الواحد الذي ارخ جدران العراق وخربشات الصبيان الفطرية في تأويلاته الصوفية الاثيرة.
وللفنان علي النجار لوحة تجسد مزجه بين الكائن البشري والطيور وحيوانات أخرى في نزوع نحو الانعتاق.
وتضئ قاعة حوار جدرانها بلوحتين للخالد فائق حسن (1914 - 1992) تجسدان اشتغاله التخطيطي للمرأة، بعيدا عن خيوله الجامحة، في اغلب لوحاته وهي فرصة لتوثيق اشتغال واحد من اهم اعمدة الفن العراقي.
وتوثق قاعة حوار لوحة متفردة للفنان فرج عبو فرج عبو النعمان (1984 - 1921) في لوحة تعبيرية وحشية بخلفية هندسية لمجموعة من الحيوانات الشرسة.
وتظهر مقدرة الرائد قاسم ناجي في بورتريه المرأة العارية وهذه اللوحة من نفائس الفن العراقي النادرة، وهو الذي عرف بجرأته منذ بداية عرضه لفن تأثر بالمدارس الغربية منذ بواكير ظهور ريادة الفن التشكيلي العراق
كأغلب اللوحات المنتقاة فان لوحة الفنان محمد عارف (1937 ـ 2009) تشير إلى مرحلة من مراحله وهو يرسم مدينة غربية عام 65، بينما هو معروف بلوحاته التي تستقي من الفن الروسي استطالة شخوصه وتجمعات التكوينات البشرية في مشاهد أفعال انسانية فلكلورية من كردستان.
وتحتفظ قاعة حوار في معرضها هذا لوحة الفنان محمد مهر الدين (1938 - 2015) والتي تحمل كل ملامح اهتمامه بفن الملصق والكرافيك، في تفرد يشير الى فنه وسط التجارب الكثيرة التشكيلية في العراق.
وللفنان محمود صبري
(1927 ـ 2012) أحد رواد الحداثة الفنية في العراق لوحة تمثل ألوانها الداكنة، في اصطخاب العنصر البشري في تكوينات المكان وتأثير موجوداته.
أما الفنان نجيب يونس
(1930 - 2007) والذي تعودنا عليه ناقلا لألوان الطبيعة الى الغرف وهو الأمين على البيئة التي عاشها في الموصل.
وتعرض قاعة حوار واحدة من علامات الفن العراقي المميزة والتي جسدها الفنان الخالد نوري الراوي (1925 - 2014) وهو يوثّق مدينة حلمه ونواعيرها قبل ان تغطيها المياه في بانوراما ساحرة.
وتختتم حوار مقتنياتها بلوحة الفنان نوري مصطفى (1921 - 2018 ) الرائد في حياته المتنوعة طبيبا وفنانا.
إن زيارة هذا المتحف المصغر والثمين للفن العراقي في قاعة حوار, يستحق أن يبقى مفتوحا بصفة معرض متميز لشواهد الفن العراقي، وأن يحظى فولدر المعرض بشروحات اوسع لطبيعة اللوحات وموادها، وتاريخها لكي يبقى ثبتا تاريخيا يستحق الاشادة والاهتمام والعناية من الجهات المعنية بتوثيق واحترام الفن العراقي، الذي اثبت حضوره الفني كما ونوعا في البلدان العربية والعالم، وقاعة حوار استطاعت ان تكون واحدة من موثقي الفن التشكيلي العراقي وريادته بأبهى صورة تجسد الجهد الاهلي بروح فنية تعرف قيمة العمل الفني فنيا وتاريخيا.