عادة لا مفرَّ منها.. النساء والتسوق

ريبورتاج 2023/05/24
...

 سرور العلي 

تشعر الشابة ميس أحمد بالبهجة، كلما دلفت محلاً تجارياً وقامت بالتبضع، لكن مؤخراً أصبح الأمر هوساً لديها، إذ تشتري المنتجات والسلع الضرورية وغير الضرورية، ما يدفع والدتها للتذمر من سلوكها ومنعها من التبذير، وأحمد تعمل مندوبة مبيعات لمساحيق التجميل لإحدى الشركات من داخل منزلها، إذ أتاحت تلك الخدمة توفير مورد مادي لمعظم الفتيات اليوم، لا سيما مع انعدام الوظائف وفرص التعيين في البلاد.

إعلانات تجاريَّة

لعبت الإعلانات التجارية بخاصة في السنوات الأخيرة، ومع التطور الحاصل في التكنولوجيا دوراً بترغيب الزبون، ودفعه لشراء المنتجات والبضائع، من خلال استخدام طرق احترافية بتصوير المنتج، وعرضه بشكل جذاب ومميز، وترويجه ليصل للجميع. 

إذ لفت الموظف حسن الساعدي إلى أن كثرة الإعلانات التجارية في وسائل التواصل الاجتماعي اليوم، والترويج للعديد من المنتجات ساهم بزيادة التسوق، الذي وصل للإسراف والتبذير، وهو ما كان بنسبة أقل في السنوات الماضية، إذ كانت تلك الإعلانات في التلفاز، أما اليوم فهي متواجدة في منصات التواصل كما أشرت، وفي الشوارع ومداخل المدن الكبيرة، وعلى واجهات المتاجر الفخمة، وفي المولات. 


تقليد

تجري بعض النساء خلف آخر صيحات الموضة، وتقليد الآخرين بمظهرهم وطريقة حياتهم، فتؤكد الموظفة زينب حميد إلى أن زيادة العلامات التجارية ومواكبة الموضة، وتقليد مشاهير السوشيال ميديا من أسباب كثرة التسوق، لا سيما من قبل النساء والفتيات وتبذيرهن، كما أن "الترند"، والتقاط الصور الكثيرة والفيديوهات، وتحميلها على وسائل التواصل، ليتسنى للجميع رؤيتها كذلك لها دور بذلك، لذا ينبغي الابتعاد عن تقليد ما يقوم به الآخرين على تلك التطبيقات الرقمية، كونها قد تكون حياة مزيفة في الواقع، ويظهر للجمهور ما هو مثالي. 

مضيفة "أن الأمر لا يقتصر على النساء فحسب، بل شباب اليوم مهتمون جدا بشراء السيارات الفارهة وباهظة الثمن، وأحدث إصدرات الهواتف الحمولة، وكثرة السفر والخروج مع الأصدقاء لأفخم المطاعم، لكن هناك رجالا نرجسيين وأنانيين، ويركزون فقط على ما تسرفه النساء، من دون النظر إلى ما يقومون به من إسراف وتبذير على شؤونهم الخاصة".

ويرى الطالب الجامعي محمد باسم أن الأمر يعود أحياناً إلى التباهي أمام الآخرين، واستعراض بعض الفتيات والموظفات وطالبات الجامعات ما قامن بشرائه، من خلال ارتداء الثياب الثمينة، والمجوهرات، والحقائب والأحذية، والإكسسوارات.

وعدت المعلمة سارة عدنان أن تلك 

من العادات السيئة التي تمارسها معظم الفتيات اليوم، والأضرار بميزانية الأسرة المالية، وإرهاق الوالدين أو الزوج بالمتطلبات، وأضافت ضاحكة: "لو لا النساء لأقفلت الأسواق"، في أشارة إلى أن المرأة هي أكثر أسرافاً وتبذيراً للمال من الرجل.

مؤكدة "يعاني بعض الموظفين من تبذير وإسراف زوجاتهم، إذ يضطرون أحياناً إلى الاقتراض من زملائهم، بسبب عدم كفاية رواتبهم الشهرية للمصاريف، لتتراكم الديون عليهم في ما بعد، لذلك على الزوجة مراعاة ظروف زوجها، وتقدير ما يقوم به من جهد وتعب، لتحصيل المال، والتفكير بالميزانية 

المالية، والابتعاد عن المشاجرات الزوجية".


هوس نفسي

إن التسوق بالنسبة للمرأة هو الشعور بالسعادة، فقد أكدت الكثير من الدراسات الموجودة في علم النفس أن التبضع هو تحسين الحالة المزاجية للمرأة، إذ أنها تشعر بالمتعة والنشوة، وتتغلب من خلاله على الكآبة والحزن، وإبعاد عنها التوتر والقلق، لذلك السبب نجد أن كثيرا من النساء يهتمن بهذا الجانب، إذ أوضحت د.ناز بدر خان السندي- أستاذة العلوم التربوية والنفسية في جامعة بغداد: "أن شعور المرأة بالسعادة يدفعها للمزيد من التسوق، لكنّ هناك أمرا ينبغي الإشارة إليه، كونه مهما، وهو حين تصاب المرأة بهوس التسوق، هنا تكمن المشكلة فهي تبالغ بالتبذير، لا بأس بأنها تتسوق، لكن ألا تصل لمرحلة الهوس، والإصابة بمرض نفسي، وهذه ليس بحالة صحيحة، وستتفاقم وتشكل لديها أزمة، ويدخلها بجانب الإدمان على الشراء، كإدمان المخدرات، وهذا لا يجوز أن تصل إليه المرأة، وأنما تكون بالحدود المقبولة، ونحن نقول لا ضير بأن تتسوق المرأة لتشعر بالسعادة، ونوعاً من التغيير، لكن أن تكون بحدود المعقول، وجانب التبذير أيضاً هو مشكلة، فهو يؤثر في الأسرة، ووقوعها في أزمات مادية، وبالتالي تنشب المشكلات بين زوجها وأولادها، لذلك السبب يجب أن يكون هناك حد، وألا تتخطاه بالمبالغة بما ليس مهما".