مزرعة البصل

ثقافة شعبية 2023/05/25
...

كاظم غيلان 

تزخر الذاكرة بمشاهد ووقائع بعضها لم يزل طريا وكأنها قد حصلت اليوم بحكم مافي مشهدنا الشعري من تراكمات أدناها _ سلبي_ !

حصل في مهرجان شعري سنوي سبعيني وقد سجلته هذه الذاكرة حتى غدت تستحضره يوميا، فكان عريف حفل ذلك المهرجان ضليعا بعربيته، سريعا في بديهيته، وهذه لربما من أبرز اشتراطات  عرافة الحفل أو إدارة الجلسة . فكان ان صادف أحد الشعراء المشاركين لحوحا بطريقة مقرفة مع العريف في تقديمه على الآخرين خلافا لتسلسله في المنهاج، وهنا زهق العريف وماكان منه إلا أن يقدم الشاعر اللحوح كالاتي:

- اما الآن فاترككم مع الشاعر (الارعن).

وقف (الارعن) خلف المنصة وشتم (العريف) بصوت عال وأنهى فقرته بهذا الاختصار ليوفر وقتا لمن يليه من الشعراء . 

اليوم يزخر مشهدنا الثقافي بمتناقضات عجيبة ورعاية فوضى عارمة تثير السخط والسخرية معا، وتشير إلى انسجام تام مع ايقاعات (عصر التفاهة) فمعظم مديري ومديرات الجلسات وعرفاء الاحتفالات لم يستدعوا شاعرا إلى المنصة الا ومنحوه (الكبير) صفة ، حتى ازدحم المشهد بـ(الكبار) مما يذكرنا بظاهرة (شيوخ التسعينيات) الذين تضاعفت أعدادهم  حتى استحدثت لهم دائرة ترتبط بأبرز مرافقي رئيس النظام الشخصيين .

لست مع الانتقاص من اية تجربة شعرية أو غير شعرية ، لكنني بنفس الوقت لست مع هكذا مجانية وجاهزية في توزيع صفات التكبير والعظمة ، لذا تراودني أمنية احيانا في أن يبادر عريف حفل شعري أو مدير جلسة ليكسر هكذا رتابة مطلا علينا بمفاجئة وهو ينادي:

- الآن نترككم مع الشاعر الصغير .

مع أنني أخشى عليه أن فعل ذلك في ظل توفر الشاعر الطائفي والمفكر العشائري والناقد اللاعب على الحبال كلها بحكم ما يجيد من (لقلقة). 

لا أريد أن اختتم قولي إلا بتأكيدي وتأكدي من تشجيعي للمنتوج الوطني لاسيما مزارعنا التعاونية - أن وجدت - لكن لا أعرف لماذا تذكرت بيتا من الشعر قاله شيخنا الشاعر علي الشرقي :

قومي رؤوس كلهم 

أرأيت  مزرعة البصل ؟