نافع الناجي
على امتداد الأفق كانت الصحارى الواسعة وكثبانها وأوديتها في غرب العراق على موعدٍ مع يدٍ حانيةٍ تمتد إليها بلطف، لتحيل رمالها المتطايرة وجفافها البلقع الشديد إلى واحاتٍ وحقولٍ خضراء على امتداد البصر، في حملة إغاثة واسعة النطاق عمدت فيها جهات عديدة تقف في مقدمتها العتبات المقدسة وهيئة الحشد الشعبي لاستثمار واستصلاح مئات آلاف الدونمات في بوادي السماوة وكربلاء والنجف وغيرها، وتحويلها إلى أراضٍ منتجة مليئة بالخير والعطاء.
ربع مليون دونم في السماوة
فقد شرعت الأمانة العامة للعتبة الحسينية المقدسة باستحصال الموافقات الرسمية اللازمة من الحكومة المحلية لمحافظة المثنى، بغية استثمار مساحات تقدر بربع مليون دونم من الأراضي الصحراوية في بادية السماوة الغربية، في إطار اهتمامها بإنتاج المحاصيل الزراعية والاستثمار في الثروة الحيوانية والسمكية في عموم البلاد.
فبعد مزارع الكفيل وفدك (للنخيل) وسيد الشهداء وأنوار الكفيل وعشرات غيرها، جاء الدور على محافظة المثنى لاستصلاح أجزاء نائية من باديتها وتحويلها لمزارع غنّاء منتجة ومثمرة.
مساحات خضراء
الأمانة العامة للعتبة المطهرة أكدت سعيها لتحويل هذه المساحات لأراضٍ زراعية منتجة تحتوي على مختلف المحاصيل التي تسهم بإغناء السلة الغذائية إلى جانب توفير فرص العمل للشباب، بعد النجاحات التي حققتها الأمانة العامة للعتبة الحسينية في استثمار الصحارى الشاسعة من محافظة كربلاء، وتحويلها إلى مساحاتٍ خضراء أسهمت بانعاش الواقع الاقتصادي في المحافظة، إذ استحصلت العتبة المقدسة موافقة حكومة المثنى المحلية لاستثمار هذه المساحات، فضلاً عن موافقات مبدئية من الدوائر الرسمية ذات العلاقة ووزارتي الزراعة والموارد المائية.
موافقات
وأوضح توفيق إدريس، مسؤول أراضي المشاريع الخدمية في العتبة الحسينية المقدسة، في تصريح خص به (الصباح) "بتوجيه من قبل سماحة المتولي الشرعي العام للعتبة الحسينية المقدسة، تمكنا من استحصال موافقة محافظ المثنى بخصوص استثمار مئتين وعشرين ألف دونم من الأراضي الصحراوية، والموافقات الآن في مديرية الزراعة، وباقي الإجراءات سارية بحصول موافقات الدوائر ذات العلاقة".
وأضاف إدريس، أن"الموقع يمتاز بالجودة ويتوفر على كميات وخزين جيد من المياه الجوفية بحسب الخبراء في مديرية الزراعة، وبإذن الله نكمل موافقات الدوائر المعنية في المحافظة وتم تحويل الموضوع إلى وزارة الزراعة التي استحصلنا الموافقة المبدئية منها ويفترض أن تصلنا موافقة وزارة الموارد المائية بخصوص حفر الآبار، لكون زراعة الأراضي في بادية السماوة تعتمد على هذا النوع من وسائل السقاية والري".
محاصيل ستراتيجية
الخبير الزراعي عدنان عوز الشمري، أوضح لـ (الصباح) أن "العتبة الحسينية المقدسة مهتمة بأن تتحول البادية إلى مشروعٍ زراعي متكامل، يضم بين جنباته مختلف المحاصيل الزراعية الستراتيجية التي تغني السلة الغذائية العراقية كالحبوب والزراعات الداخلة في الصناعات الغذائية التحويلية، كما ستوفر فرص عمل للشباب وتعزز المنتوج الوطني من المحاصيل الستراتيجية من الحبوب كالحنطة والشعير والذرة، وكذلك تفعيل الصناعات الغذائية والتحويلية المرتبطة بها، بهدف تأمين الأمن الغذائي لبلدنا في كل المجالات، لا سيما بعد نجاح العتبات الدينية في مجال زراعة القمح والبطاطا في كربلاء ومزارع فدك للنخيل وغيرها".
إلى ذلك يلفت الشمري إلى نجاح العديد من التجارب التي نفذتها العتبات المقدسة وجهات اختصت بالاستثمار الزراعي، فمثلاً مزرعة سيد الشهداء الواقعة في منطقة عين التمر بمساحة 21 ألف دونم والتي زرعت فيها أصناف جديدة من القمح مثل فيتو الاسباني والجاد الألماني وصنف الوفية وصنف النهار وصنف البنزنون، فضلاً عن الأصناف المحلية التي تجهز بذورها مديريات الزراعة في كربلاء والمحافظات ومزارع أنوار الكفيل وغيرها.
محطات للمواشي
أما المهندس الزراعي علي حسين فرحان، فقال "سبق للعتبة الحسينية المقدسة أن أعلنت عزمها إقامة مشروع للماشية والثروة الحيوانية في صحراء مدينة السماوة بمساحة 200 ألف دونم ، يضم محطات للأبقار ذات الإنتاجية العالية ومصنعاً للحليب ومشتقات الألبان، عبر توفير التكنولوجيا الحديثة بتوجيه ودعم من وزارة الزراعة، فضلاً عن الاهتمام بزراعة محاصيل فول الصويا العلفية والبطاطا"، وأضاف "هنالك أيضاً خطط ستراتيجية لدعم سلال الخضار، وتوريد المنتجات الحيوانية والنباتية إلى السوق، وعددٍ من مشاريع التمويل الذاتي بما في ذلك زراعة الخضار والأشجار المخففة للاحتباس الحراري باستخدام الأسمدة العضوية ومنظومات الرش المحورية الثابتة".