تشرين 2023.. فصل اختبار لـ «الأغلبيَّة الصامتة»

الأولى 2023/05/29
...

  بغداد: هدى العزاوي


بدأت بعض الأحزاب السياسيَّة الكبيرة مبكراً حشد أنصارها وإقامة التجمعات الجماهيريَّة استعداداً لانتخابات مجالس المحافظات المزمع إجراؤها في 6 تشرين الثاني 2023، ورغم غموض موقف بعض الكتل السياسية ذات الشعبية من المشاركة في هذه الانتخابات من عدمها، إلا أنَّ نسب المشاركة المنخفضة في الانتخابات التشريعية 2018 و2021 على التوالي، ولّدت تساؤلات مهمة على صعيد استمرار "الأغلبية الصامتة" غير المتحزبة في مقاطعة المشهد الانتخابي أو عودة الثقة "النسبية" لديها في الظروف الحالية ما يدفعها للمشاركة المؤثرة في انتخابات مجالس المحافظات.

وقال السياسي المستقل، عمر الناصر، في حديث لـ"الصباح": إنَّ "انتخابات مجالس المحافظات المرتقبة ستكون آخر فصل من فصول اختبار مشاركة الأغلبية الصامتة والرافضين للعملية السياسية والعازفين على وتر المقاطعة الانتخابية قبل إقلاع طائرة التغيير، خصوصاً بعد أن أخفق المستقلون عند دخولهم مجلس النواب بخلق المعادل السياسي النوعي الذي يذهب باتجاه تصحيح المسار السياسي المتعرج، بعد شعور الكثير من المنتمين لهذه الطبقة بالندم لعدم مشاركتهم في الانتخابات الأخيرة".

ولفت إلى أنه "لو أخذنا نظرة موضوعية على جميع الجوانب والظروف التي شابت المشهد السياسي، ووضعنا تقييماً لأهمية ثقل قرار المشاركة بالتصويت في الانتخابات التشريعية الماضية 2021، لوجدنا أنَّ نسبة المشاركة الانتخابية كانت 40 % تقريباً، كما أشارت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، وقد أفرزت ما يقارب الـ40 مقعداً للمستقلين تحت قبة البرلمان"، متسائلاً: "كيف لو وصلت هذه النسبة إلى 70 % من جمهور الأغلبية الصامتة والمستقلين؟!"، وأجاب: "لكان تحقق بالفعل الهدف الذي يصبو إليه الشارع بشكل عام".

وأكد الناصر أنه "ينبغي للجميع الدفع باتجاه تثقيف الجمهور بضرورة وأهمية المجالس المحلية ودورها في الإعمار والتنمية المستدامة، على ألا تكون تلك المجالس بمثابة المعرقل لعمل المشاريع بسبب بعض الصراعات السياسية على السلطة".

وأجريت انتخابات مجالس المحافظات مرتين في البلاد، أولاهما سنة 2009 بمشاركة 51 % من الناخبين، بينما انخفضت– بحسب مراقبين وأرقام شبه رسمية– إلى 50 % في ثاني وآخر انتخابات جرت سنة 2013، واعتبرها مراقبون نسبة مرتفعة قياساً بالظروف الأمنية والأزمة السياسية التي رافقت تلك الفترة، وكان مقرراً للانتخابات أن تجرى في سنة 2018، إلا أنَّ تأخر تشكيل الحكومة وما رافقها من أحداث أسهم في تأجيل الانتخابات.

وبعد أحداث تشرين 2019، عمد مجلس النواب إلى إلغاء مجالس المحافظات استجابة لمطالب بعض الشرائح، إلا أنَّ المحكمة الاتحادية العليا أوضحت أنه لا يحق لمجلس النواب دستورياً إلغاء وجود مجالس المحافظات، موضحة أنَّ تلك المجالس تبقى معلقة لحين إجراء انتخابات جديدة. إلى ذلك، يرى المختص في الشأن الدولي، الدكتور حيدر سلمان، في حديث لـ"الصباح" أنه "تم إقناع الجمهور بأنَّ (مجالس المحافظات) ليست ذات أهمية، والحقيقة أنَّ مجالس المحافظات لها أهمية استثنائية، خاصة المحافظات البعيدة عن العاصمة بغداد ذات الكثافة السكانية العالية كالموصل والبصرة"، ونوّه بأنه "لربما أنَّ بعض المحافظات ترفض (المجالس) إلا أنها مفيدة لنا في البصرة وغيرها من المحافظات".