مزار علي بن يقطين.. صرح ديني يتجدد
عامر جليل ابراهيم
تصوير: اعلام الأمانة العامة للمزارات الشيعية
هو علي بن يقطين بن موسى، البغدادي مسكناً، والكوفي أصلا، مولى بني أسد يكنى أبا الحسن، جليل القدر، قال له الإمام الكاظم (عليه السلام): مكانك الجنة ولا تمسك النار.
كان وزيراً للخليفة الرشيد ومن أقرب مستشاريه وكان من الموالين لآل البيت (عليهم السلام)، وكان كثير التنقل بين الدول والأقاليم آنذاك، جاء إلى الحج عن طريق البصرة ومرض فتوفاه الأجل ودفن في هذا المكان الذي يدعى القطانة نسبة إلى علي بن يقطين.
زارت (الصباح) هذا المزار الذي يقع في مدينة البصرة على شارع بشار قرب جامع البصرة الكبير، وهو ضمن حملة الإعمار التي تقوم بها الأمانة العامة للمزارات الشيعية والتي سميت بـ (حشد إعمار المزارات)، لتلتقي سماحة الشيخ قاسم المعموري الأمين الخاص للمرقد الشريف.
نسبه وحياته
يقول سماحة الشيخ قاسم المعموري الأمين الخاص للمرقد الشريف عن نسبه: هو أبو الحسن علي بن يقطين بن موسى بن عبد الرحمن البزاز الكوفي البغدادي، كوفي الأصل بغدادي المسكن، وهو من أصحاب الإمام الكاظم عليه السلام، ولد في الكوفة سنة 124هـ، وتوفي في سنة 182هـ عن عمر ناهز 57 عاماً، ترعرع ونشأ في مدرسة أهل البيت عليهم السلام، بيد أن وفاته كانت في سنة 182هـ حسب ما ذكرت، حينما كان الإمام موسى بن جعفر الكاظم ( ع) في السجن.
ويروي المعموري عن حياته، إذ يقول: كان علي بن يقطين من وزراء الخليفة العباسي هارون الرشيد وحصل على أعلى المناصب السيادية، وكان كثير التنقل بين الدول والأقاليم آنذاك، والقصة المشهورة عنه أنه جاء إلى الحج عن طريق البصرة ومرض فتوفاه الأجل ودفن في هذا المكان والذي يدعى القطانة نسبة إليه كما ذكرنا، أراد ابن يقطين أن يستقيل من المنصب الذي منحه إياه الخليفة هارون الرشيد، إلا أنه كان يستشير ويسترشد بالإمام الكاظم (ع)، في كل صغيرة وكبيرة، كونه من أتباعه لكنه كان يخفي ذلك، كان الإمام قد سمح له بتصدي الوزارة حتى يخفف من وطأة الظلم عن المظلومين والأبرياء، قال الإمام الكاظم (ع) لعلي بن يقطين: كفارة عمل السلطان الإحسان إلى الإخوان، وقال عنه الشيخ الطوسي: ثقة جليل القدر، له منزلة ومكانة عظيمة السلام وعَدَّه الشيخ المفيد من الثقات وروى الكشي في مدحه روايات.
مراحل إعمار المرقد
يقول سماحة الشيخ المعموري: في حقبة النظام المقبور كان يعمد البعث إلى دثر هذا المكان واخفاء ملامحه برمي النفايات فيه باعتبار علي بن يقطين من الشخصيات التابعة إلى أهل البيت عليهم السلام، لكن في العام 1994م تم بناء قبة صغيرة لا أحد يدخلها، وبعد 2003م كما ذكرت جاء أحد المؤمنين وبنى غرفة صغيرة أيضاً وضم معها مساحة صغيرة وأصبح بناء صغيراً وبدأ الزوار يأتون إلى هذا المكان، وفي العام 2007م انضم المرقد إلى الأمانة العامة للمزارات الشيعية الشريفة التي قامت بدورها باستملاك الدور المجاورة للمرقد، ما يقارب دارين بمساحة 350م فقامت بهدمهما باعتبارهما آيلتين للسقوط وتم هدم المزار أيضاً وشمل بحملة حشد إعمار المزارات التي تقوم بها الأمانة العامة للمزارات الشيعية وكان هذا في سنة 2014م وفي العام 2019م أوعز الشيخ خليفة الجوهر نائب الأمين العام السابق في العام المذكور بإعادة بنائه وتم الهدم وبدأ العمل الفعلي بهذا المرقد ليصبح معلماً وصرحاً عمرانياً دينياً، وما زال العمل فيه مستمراً.
تفاصيل الإعمار
يحدثنا المهندس علي حسن جلوب رئيس لجنة التنفيذ، مسؤول الشعبة الهندسية في مزارات البصرة عن تفاصيل البناء والمساحات حيث يقول: كانت مساحة المزار قبل الهدم والبناء 90م2 وبعد استملاك الأراضي المجاورة أصبحت المساحة الكلية للمرقد 420م2، في المرحلة الأولى للإعمار قمنا بإزالة البناء القديم ومسح التربة وتسويتها ووضعنا الأسس ضمن المخططات التي قام بها القسم الهندسي في الأمانة العامة للمزارات الشيعية، مساحة الحرم 110م2 من غير الغرف الإدارية، والبناء عبارة عن طابقين.
يكون الدخول إلى المرقد من ثلاثة أبواب، مدخل للرجال وآخر للنساء والثالث للموظفين وإدارة المزار، صممت أبواب المزار من الخشب ذي الجودة العالية من الصاج البورمي والجاوي وصنعت في ورشة مزار ميثم بن يحيى التمار (رض) في النجف، وتكون الأرضية مغلفة بالمرمر والقبة مغلفة بالكاشي الكربلائي ومن الداخل تزجيج بالعين كار والزخرف والنقوش والآيات القرآنية المعمول بها في العتبات المقدسة وباقي المزارات، وتعلو المزار الشريف قبة عباسية الشكل بارتفاع 9م وبقطر 6م، كما تمت إحالة مرحلة الانهاءات والتي تتضمن إكساء أرضية المزار بالمرمر والجدران بالمري، إضافة لتغليف القبة الشريفة بالكاشي الكربلائي بالطراز الإسلامي إلى ديوان محافظة البصرة.
زوار المرقد
وعن زوار وزيارات المرقد الشريف يحدثنا السيد فالح عجيل، مسؤول شعبة إعلام وعلاقات البصرة حيث يقول: للمزار مكانة وقدسية لهذه الشخصية القريبة من
الإمام الكاظم (ع)، يؤم المرقد زوار من جميع أنحاء العراق ومن الدول العربية والإسلامية كافة
ويستوعب المرقد بحدود 500 إلى 700 زائر، وله زيارة خاصة هي يوم استشهاد الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)، والزيارات
العامة تكون بأيام العطل والجمع والسبت.
نشاطات المزار
وعن نشاطات المزار التقينا بالسيد علي مهدي التميمي مسؤول وحدة الإعلام والعلاقات في المزار الشريف الذي قال لنا: تقام في المرقد الكثير من النشاطات الثقافية والدينية على مدار السنة، كما يتم إحياء جميع الولادات والوفيات لآل البيت والأئمة الأطهار عليهم السلام، وعلى وجه الخصوص ذكرى استشهاد الإمام الكاظم عليه السلام، كون صاحب المزار الشريف له علاقة وثيقة بصاحب الذكرى حيث تتوافد سنوياً مواكب العزاء للمزار الشريف من داخل محافظة البصرة وخارجها، إذ يأتي موكب ناحية شيخ سعد من محافظة واسط بأعداد غفيرة قبل شهر من المناسبة، انطلاقاً من سجن الإمام (عليه السلام) في جامع الكواز مروراً بالمزار الشريف وإلى سجن بغداد في الكاظمية سيراً على الأقدام، وتقيم الأمانة الخاصة موكباً للعزاء يتضمن توزيع وجبة إفطار لما يقارب600 شخص ويليه مجلس للعزاء يرتقي فيه المنبر الحسيني أحد الخطباء الحسينيين وبعدها صلاة جماعة بإمامة مسؤول المزار الشريف يشارك فيها أبناء المدينة والمناطق المجاورة، وبعدها وجبة غداء للزائرين الوافدين لما يقرب من الألف شخص، كذلك من الأنشطة المهمة في مزار علي بن يقطين إحياء ليالي شهر رمضان المبارك وذلك بإقامة الختمة القرآنية الرمضانية سنوياً، وكذلك إحياء ذكرى ولادة الإمام الحسن المجتبى وأيام استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام بإقامة مجلس للعزاء لمدة ثلاثة أيام، وفي يوم استشهاد الإمام زين العابدين عليه السلام والسيدة زينب وكذلك بقية المناسبات في الأشهر المذكورة آنفاً، ومن النشاطات المستمرة على مدار السنة في المزار الشريف هي الأنشطة الإعلامية والتي تلاقي صدى كبيراً ومقبولية من عامة الناس ومن محبي آل بيت رسول الله (عليهم السلام).