بغداد: شكران الفتلاوي
عدَّ خبراء وباحثون في الشأن الاقتصادي شراء كميات جديدة من المعدن الأصفر "توجهاً صائباً" من قبل البنك المركزي العراقي، لافتين إلى أنَّ العديد من دول العالم تسعى جاهدةً إلى حيازته دعماً لاحتياطاتها بسبب حالة التوجس الناتجة من عدم الاستقرار الجيوسياسي والاقتصادي، الذي يسيطر على المشهد العالمي.
وأعلن البنك المركزي العراقي مؤخراً، شراء كميات جديدة من الذهب تقارب 2.3 طن، الأمر الذي ترتبت عليه زيادة حيازته من هذا المعدن بنسبة 1.79 بالمئة، ليصبح مجموع ما يمتلكه العراق (132,74) طناً، محافظاً على تسلسله في المرتبة (30) ضمن ترتيب حيازة الذهب لدول العالم.
الخبير الاقتصادي الدكتور نبيل المرسومي قال لـ"الصباح": إنَّ "التوجه صوب اقتناء المعدن النفيس يمثل أمراً مهماً ومرغوباً به في السياسة النقدية، فضلاً عن كونه تصرفاً حكيماً من قبل البنك المركزي العراقي يحاكي به تصرف البنوك المركزية في العالم".
وتابع المرسومي أنَّ "الولايات المتحدة الأميركية تمتلك أكبر احتياطي ذهب في العالم يقدر بنحو 8000 طن تليها ألمانيا، والعراق حالياً سائر بهذا الاتجاه لتنويع محفظته الاستثمارية"، لافتاً إلى أنَّ "الذهب يشكل نحو 9 بالمئة من الاحتياطات الدولية".
ويرى المتحدث أنَّ اقتناء الذهب يمثل توجهاً عالمياً صائباً من قبل البنوك المركزية نتيجة ارتفاعه المستمر، حتى أنَّ البنوك المركزية العالمية تذهب لشراء المزيد منه دعماً للاحتياطات الدولية بسبب المخاوف من حدوث ركود اقتصادي وشيك، ما يؤدي إلى تفضيل التحوط منه لتفادي التضخم العالمي.
وأشار المرسومي إلى أنه من المتوقع استمرار البنوك المركزية بشراء المعدن النفيس في الأمد القصير بسبب حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي والاقتصادي الذي يسيطر على المشهد العالمي نتيجة الحرب الأوكرانية وقبلها جائحة كورونا، لافتاً إلى أنَّ العراق يعمل على المحافظة على مركزه الثلاثين ضمن ترتيب الدول في حيازة الذهب. بدوره قال الباحث في الشأن الاقتصادي عماد المحمداوي لـ"الصباح": إنَّ دولاً عدةً تسعى لحيازة الذهب، بهدف مضاعفة احتياطاتها من المعدن النفيس وبالتالي زيادة تحوطاتها لمواجهة التضخم بسبب توجسها من مستقبل الاقتصاد العالمي، لافتاً إلى أنَّ العراق ليس البلد الوحيد الذي يسعى لذلك إنما معظم البنوك العالمية تتجه لدعم احتياطاتها الدولية.
وأكد المحمداوي أنَّ البيانات الصادرة عن مجلس الذهب العالمي تشير إلى شراء صناديق الاستثمار الدولية 32 طن ذهب في شهر آذار الماضي للعام الحالي 2023، أي بما يعادل 1.9 مليار دولار.
يشار إلى أنَّ دائرة الاستثمارات في البنك المركزي العراقي أوضحت أنَّ عملية الشراء جاءت بهدف زيادة حيازته من الذهب في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي يشهدها العالم، مشيرة إلى أنَّ الذهب يعدُّ من أهم مكونات الاحتياطات التي تحتفظ بها البنوك والمؤسسات المالية الدولية، إذ تعْمَد هذه البنوك والمؤسسات إلى زيادة احتياطاتها من هذا المعدن بصورة مستمرة، لما لهذا الإجراء من انعكاس إيجابي على الملاءة المالية لهذه المؤسسات والجدارة الائتمانية لدولها.