أوروبا وتسييس العسكرة

قضايا عربية ودولية 2023/06/03
...

علي حسن الفواز



تتسع مساحةُ تسييس الحرب الروسية الأوكرانية، وتعمل الحكومات الغربية على تضخيم هذا التسييس ليبدو وكأنه «حرب دافئة» قد تتحوّل في أيّ لحظة إلى «حرب ساخنة» غير محسوبة النتائج، وربما يصفها البعض بأنها ستكون حرب الخطيئة الكبرى.

اختيار دولة مولودفيا لعقد اجتماع قمة المجموعة السياسية الأوروبية يعكس طبيعة المزاج الأوروبي الحاد، وقراءته لمسار تحويل الصراع مع روسيا إلى حرب مفتوحة، لها أهدافها في تغيير موازين القوى، وفي مواصلة دعم أوكرانيا، على مستوى ستراتيجيتها العسكرية، أو على مستوى استعداداتها  لما يسمى بالهجوم المضاد 

على القوات الروسية.

استضافة هذه الدولة التي كانت جزءاً من المحور السوفيتي القديم، لها دلالاتها السياسية والجغرافية، فهي تبعد نحو 20كم من الحدود الأوكرانية، ورغم صغر مساحتها، إلا أن توظيفها في برنامج التسييس الغربي يعطي لها دوراً يتجاوز الجغرافيا إلى أدلجة الحرب،  وإلى تغذية التحالف الأوروبي الأميركي بعناصر توحي بالقوة التي يحتاجها الغرب لإثبات وحدة موقفه الآخذ بالتصدع إزاء روسيا.

اجتماع رؤساء 50 دولة له إثارته الإعلامية، أكثر من الواقعية،  فحرص دول الاتحاد الاوروبي، على عقد هذه القمة، وبهذا الرقم، لا يعني قبول عدد كبير من الدول المشاركة في أعمال هذا المنتدى الذي اقترح تأسيسه الرئيس الفرنسي ماكرون، بالدخول في محاور الحلف العسكري والاقتصادي والأمني، والذي لا يبدو إلّا بوصفه تسويغاً لممارسة تسييس العسكرة، على مستوى توسيع دول حلف الناتو، أو ايجاد اتفاقيات عسكرية جديدة تؤطّر علاقات دول الاتحاد الأوروبي مع غيرها.

حضور الرئيس الأوكراني زيلنيسكي يُعطي للتسييس بُعده الانفعالي، ولكسب مزيد من الحلفاء، وربما رسم صورة رومانسية عن الانتماء إلى الحلف الأوروبي، وهو ما أكده في حديثه لوسائل الإعلام بالقول: “مستقبلنا في الاتحاد الأوروبي. أوكرانيا مستعدة أيضاً للانضمام لحلف شمال الأطلسي” دون النظر الى كلّ تداعيات الحرب على العالم، وعلى أوروبا، وعلى اقتصاديات الدول الفقيرة التي باتت تعاني من انعكاساتها على مصادر الغذاء والطاقة والأمن المجتمعي.