قدرة ثقافة التعايش على احتواء الأزمات

العراق 2019/04/23
...

صباح محسن كاظم
طريق البناء الشاقة والطويلة تبدأ من خطوة السلام، والإيمان بقدرة ثقافة التعايش على احتواء الأزمات، وإدارة الرؤية الستراتيجيَّة للانتقال من التخلف للتحضر، ومن العنف، والكراهيَّة، والإرهاب. إلى ثقافة الوئام السياسي والاجتماعي، وصياغة المشروع التنموي الذي عطلته الحروب العبثيَّة البعثيَّة مع الجوار، وصناعة الأزمات لذلك لم يبق للعراق أي ناصر من غزو الكويت لسقوط الصنم، ثم مرحلة الإرهاب المحلي والعالمي والإرهاب السياسي والاقتصادي والمالي.. الآن عراقنا يتعافى بعد تلك التجارب المريرة، والإخفاقات السياسية.. علاقات ناجحة لحلحلة كل مخلفات وركام الأزمات المفتعلة مع الجوار المهم إيران، تركيا، السعودية، الأردن، سوريا، الكويت، محنة الجغرافيا، والخلافات الحدودية، ونهب ثروات العراق من الجيران ينبغي أن تتوقف، مثلما توقف الإرهاب بفضل جيشنا المظفر وحشدنا المقدس، نأمل من الزيارات للداخل والخارج أنْ تُستثمر اقتصادياً لصالح شعبنا، تفكيك، وتذويب وحلحلة الأزمات بعلاقات سياسية متوازنة، تعيد للعراق ألقه الخمسيني والستيني حين انطلقت مشاريع الإعمار والبناء حتى أنَّ دولاً مثل الإمارات والكويت كان شيوخها يمنون أنفسهم أنْ تصبح مشايخهم ومدنهم مثل بغداد والبصرة. السؤال الجوهري هل العراق بإمكانه النهوض أم لا؟
الجواب: ما يملكه وطننا من موقع ستراتيجي، إرث وتاريخ وحضارة، سياحة دينية، ثروات، أهوار، تنوع طوبوغرافي وإثني يدعم مقولة الأمل للنهوض وتجاوز النكوص والتقهقر باشتراط قضايا جوهرية بنيوية مهمة أولها: اليد النزيهة، ثانياً: الرؤية الستراتيجية، ثالثا تأكيد المواطنة، رابعاً: العدالة الاجتماعية.
إنَّ عدم تحقيق تلك الرؤية يجعل المدن تشعر بالإهمال والتهميش، وتطالب تارة بالاستقلال، أو الأقاليم رغم أنَّ الدستور كفل تطبيق العدالة، واحترام إرادة الناخب مع حرية التعبير. نأمل للعراق الواحد الموحد أنْ يتخطى أزماته ليلحق بأقرب الدول بكل المجالات العمرانية والاقتصادية، وتوفير فرص العمل للشباب والخريجين بعدالة تامة من دون رشى التي تحطم إرادة المجتمع، لذلك تفعيل دور النزاهة، وإيقاظ الضمير الوطني، والوازع الديني والأخلاقي يحدد من الظواهر السلبية التي تعيق ثقافة التعايش والسلام والتنمية.. لعلَّ العقل السوي بالعالم غادر ثقافة العنف بعد الحربين الكونيتين وآثار الخراب والدمار وما آلت إليه أوروبا من حطام.. وامتد لجغرافيات عالمية شاسعة وقد تعلموا الدرس جيداً فاتجهوا صوب السلام والتنمية الاقتصادية وتطوير القدرات التكنولوجية بجميع المجالات الحيويَّة أمام شعوبنا وأمتنا اليقظة والحذر من جعل منطقتنا بؤرة للصراع العالمي، وساحة للاقتتال والعنف والثورات، والانتفاضات وإلهاء الشعوب بدلاً من التنمية وتحقيق كرامة الإنسان.
بالطبع الاستبداد السياسي وتردي الحالة المعاشية المحرك للجموع للإطاحة بأنظمة الاستبداد، والتوريث السياسي.. كما يجري بالسودان والجزائر.. شعوب نأمل لها خيراً فطبيعة العراقي يحب أمته ويدافع عن كل أنين لثكلى أو مكلوم رغم مأساته بسبب الفاشية أو ما حصل بعدها من إرهاب لم يشهد العالم مثيله.. كل الفجائع التي مر بها شعبنا، على الحكومة أنْ تنظر بحل أزمات الوطن بتشريعات تخدم الصالح العام وتلبي حاجة كل المناشدين بالحقوق.