كوسوفو والصراع المفتوح

قضايا عربية ودولية 2023/06/05
...

علي حسن الفواز



تنذر الأزمة في كوسوفو بأخطار كثيرة، وبصراعاتٍ قد تُعيد منطقة البلقان إلى ذاكرة حرب الإثنيات والجغرافيا الساخنة، فالمواجهات مستمرة في بلديات شمالي كوسوفو بين السكان الصرب من جهة وشرطة كوسوفو المدعومة بقوات تابعة لحلف الناتو من جهة أخرى، بعد رفض صربيا نتائج انتخابات جرت في تلك البلديات ذات الأغلبية الصربية، والتي تسببت بخروج تظاهرتٍ حاشدة جعلت الجيش الصربي في حالة انذار عسكري.

تداعيات هذا الصراع ليست بريئة، فهناك جهات سياسية غربية تقف وراء تأجيج الموقف، وتحميل موضوع الانتخابات طابعاً يتجاوز توصيفه البلدي، أو نسبة المشاركة الضعيفة، وعلى نحوٍ يجعله مدخلاً لصراع مفتوح، أو لمرحلة ساخنة قد تدفع صربيا إلى التدخل العسكري، لاسيما أنها لم تعترف بحكومة كوسوفو التي أعلنت استقلالها عن صربيا بدعم من دول الناتو عام 2008، لكن الأخطر في هذا الموضوع هو إمكانية التدخل الروسي، من خلال طلب صربي لدعم موقفها السياسي والعسكري في الأمر، وهو مايُثير التساؤلات حول اختيار توقيت إثارة الصراع والتوتر في الشمال الكوسوفي، وفتح جبهة تتسع لصراع قد تتورط فيه روسيا..

الدعوة الغربية لوقف التصعيد تنطوي على مفارقة سياسية وأمنية،  فرغم أن أوروبا لا تتحمل حرباً أخرى، ولا لاجئين جدداً، وميزانيات لدعم العسكرة في المنطقة، إلّا أنّ الموقف يتحمّل قراءة أخرى تنكشف على دفع روسيا إلى سيناريو آخر، ذي طابع قومي وعنصري، يضعها إزاء مشكلة جديدة، تُضاف إلى إنهاكاتها في الجبهات الأوكرانية، وفي سياق استمرار العقوبات الغرب- أميركية عليها..

إجراءات التصعيد وخطورتها ستنعكس حتماً على الأمن الأوربي، وعلى سياسة الغرب الداعم لاستقلال كوسوفو، وهو ما قد يُفسّره البعض بأنه جزءٌ من سياسة الضغط على صربيا للاعتراف بدولة كوسوفو، ولإيجاد بؤرة توتر جديدة في المنطقة، يكون التحكّم فيها رهيناً بالوظائف السياسية التي ستقوم بها كوسوفو، وبالخطوات العسكرية التي ستلجأ إليها صربيا، ومن ورائها روسيا التي دعت إلى "عدم استفزاز بلغراد، وإلى  أن خفض التوتر في كوسوفو يحتاج لاتخاذ خطوات حاسمة" كما قالت وزارة الخارجية الروسية، في الوقت الذي أدان فيه مفوض السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أعمال العنف المرتكبة ضد قوات حفظ السلام والمدنيين والشرطة ووسائل الإعلام شمال كوسوفو.