طفولةٌ ضائعةٌ في سوق العمل المهينة

الباب المفتوح 2023/06/07
...

بغداد: قاسم موزان 

 تصوير: نهاد العزاوي 

يحتفل العالم من 3 إلى 12 حزيران من كل عام لمناهضة عمالة الأطفال  بوصفها الأعنف والأشد قسوة في حياة الطفل، لم يعد الحديث عن الآثار المرتبة على الظاهرة مجديا، وذا أثر مجد في عتمة تزايد اعدادهم بشكل مرعب، جراء التسريب المبكر من مقاعد الدراسة والالتحاق بسوق العمل، بسبب عامل الفقر أو ظروف ضاغطة أخرى، مثل النزاعات والنزوح، وغالبا ما تكون العمالة مرهقة تفوق قدراتهم البدنية.

ما يعيق نموهم الطبيعي مقابل اجور زهيدة جدا، ما يتعرض له هؤلاء من انتهاكات جسدية ونفسية واعتداءات، ستظهر نتائجها لاحقا إن لم تكن هناك شبكة حماية كفيلة بإنقاذ الطفولة، بتفعيل قانون العمل رقم (37) لسنة 2015 في المادة (7) على حظر عمل الأطفال ممن هم أقل من (15) سنة.


حقوق

من جانبه أوضح الحقوقي د. حميد طارش أن قانون العمل رقم (37) لسنة 2015 في المادة (7) ينص على حظر عمل الأطفال ممن هم أقل من (15) سنة، كما ضمن القانون المذكور وجوب تأمين معايير عمل مناسبة لعمر الحدث (15 - 18) سنة. 

وأضاف طارش: “كفل الدستور لسنة 2005 حقوق الطفل في المادتين (29) و(30) بحظر استغلالهم اقتصاديا، واتخاذ الاجراءات اللازمة لحمايتهم، ومنع جميع أشكال العنف والتعسف في الأسرة والمدرسة والمجتمع، التي تشكل مصادر أخرى لرفد عمالة الأطفال، وضرورة إلزام الدولة بكفالة الضمان الاجتماعي والصحي والمقومات الاساسية للعيش الكريم، كما إن واقع عمالة الأطفال المنتشر في العراق ينتهك اتفاقية الطفل لسنة 1989 واتفاقية منظمة العمل الدولية، بشأن حظر أسوأ اشكال عمل الأطفال رقم (182) لسنة 1999 والمصادق عليهما من قبل العراق”. 

وأشار إلى أن “التشريعات الوطنية والدولية هي واحدة من حيث الآليات المطلوبة لمعالجة المشكلات، إذ لا يمكن لوحدها أن تكون كافية للحل، وسط بيئة يعمّها الفقر واليتم والترمل والعوز والعيش دون مستوى خط الفقر، وانما تحتاج إلى اصلاحات اقتصادية واجتماعية يكون الضمان الاجتماعي لشريحة الأطفال حجر الزاوية فيها”. 


 اغتصاب 

ووصف د. احمد عباس الذهبي اختصاص علم النفس في جامعة بغداد، أن عمالة الأطفال اغتصاب للطفولة البريئة: اذ يعاني الصغار العاملون من حالات نفسية صعبة، ترتبط بشعورهم بأنهم أدنى مستوى من أقرانهم، وحقدهم على الناس، وفي حال عدم احتضانهم، سيدفعهم الصراع النفسي الذي يعيشونه إلى الانتقام من المجتمع في المستقبل، لافتا إلى أن بعض هؤلاء الصغار أصبحوا مشردين ولا همّ لهم إلا الإدمان. 


الفقر 

عزا المواطن مهدي صاحب، اتساع الظاهرة إلى الفقر وهو السبب الرئيس في الكثير من المشكلات، لافتا إلى أن عمالة الأطفال التي تفشت في العراق تثير الانتباه، فالطفل اليتيم يكون مجبرا بالنزول إلى ساحة العمل، والقيام بأشغال شاقة، لا تناسب امكانيات جسده الصغير، الذي يحتاج إلى الرعاية والاهتمام، ويأتي في المرتبة الاولى الدولة بكل مؤسساتها، وذلك بمتابعة الصغار المنقطعين عن الدوام الرسمي في المدارس، ومعرفة أين يقضون أوقاتهم؟ 

وهل هم معنفونأ ُسريا. 

فالمشكلة معقدة ولا يمكن لطرف واحد أن يقوم بتقويمها، بل تشترك منظمات المجتمع المدني، ورجال الدين، ووزارة العمل لإنقاذ الطفولة البريئة. 


تقليد

من جهته قال المواطن محمد حيدر: “تشهد سوق عمل الأطفال إساءات بالغة من أرباب العمل، خصوصا في المناطق الصناعية، حيث يتعرض الطفل إلى إهانات مستمرة واستغلال بشع بهدف تدمير “اناه العليا”، وجعله خانعا طائعا منزوع الارادة يستجيب لرغبات “سيده” العنفية، وكأنه الشخص المتاح لتفريغ مكنوناته العدوانية ويقلد تصرفاته وسلوكه في ما بعد”. 


جريمة 

أما المواطن فاضل داخل رأى أن مع بداية العطلة الصيفية تفكر بعض الاسر بتشغيل أطفالها في ورش صناعية، أو محال تجارية، عوضا عن بقائهم في الشارع، وهي لا تدرك أنها ترتكب جريمة بحق أبنائها، ما يترتب من سوء تصرفات ارباب العمل، وقساوتهم وتكليفهم بأعمال شديدة الوطأة على أجسادهم، فضلا عن التعنيف والالفاظ البذيئة، التي يكتسبها ويتلفظ بها لاحقا، لتكون ملازمة لشخصيته وصعوبة التخلص منها.