بغداد: حيدر الجابر
يتجه العراق تدريجياً نحو توسيع عملية الدفع الإلكتروني pos من خلال خطة معدَّة سلفاً، لنشر ثقافة الدفع الإلكتروني المعمول به في معظم بلدان العالم، فيما شهدت الأسواق المحلية انتشاراً واسعاً لتلك الأجهزة.
وأطلقت كلٌ من وزارات الخارجيَّة والاتصالات والتخطيط والتعليم العالي والبيئة، إضافة إلى أمانة بغداد خدمة الدفع الإلكتروني، فيما باشر البنك المركزي زيادة أجهزة POS، وتوزيعها في المحال والأسواق والمراكز التجارية، على أمل التحاق بقيَّة مؤسسات الدولة تباعاً.
بالتزامن مع ذلك، انتقدت المالية النيابية التأخر بالتعامل مع الأنظمة النقدية الحديثة، متهمة جهات مستفيدة ـ لم تسمِّها ـ بمحاولة إفشال الأساليب المتطورة في التعاملات النقدية.
وعدّ المتحدث باسم الأمانة العامة حيدر مجيد أهمية نظام الدفع الإكتروني، مؤكداً أنَّ هذا النظام سيسهِّل التعاملات لأكثر من 4 ملايين موظف ومتقاعد.
وقال مجيد لـ”الصباح”: إنَّ “الغاية من نظام pos هو تسهيل التعاملات النقدية، لأنَّ العراق تأخر كثيراً عن بقية الدول في هذا المجال”، وأضاف اأنه “سيُسهم في تسهيل التعاملات النقدية والحفاظ على الأموال من الضياع والتلف والتزوير والسرقة، إضافة إلى توفير التسهيلات المصرفية”، مشيراً إلى أنَّ “الأموال ستؤمَّن بدرجة عالية جداً، وهو ما يحتاجه التجار في تعاملاتهم المالية» .
وتابع مجيد أنَّ “ما يقارب من 4 ملايين موظف ومتقاعد يمكنهم التعامل بهذه الأجهزة، ويمكن لبقية المواطنين الحصول على خدمات هذا النظام عبر بطاقات من المصارف الأهلية والحكومية”، وبيَّن أنَّ “شركات الدفع الإلكتروني باشرت تجهيز الأجهزة المطلوبة لهذا الغرض”، لافتاً إلى أنه “في يوم 1 حزيران باشرت أغلب الوزارات جباية الأموال إلكترونياً، وكذلك عدد من المحطات الحكومية”، معرباً عن أمله في أن يتعوَّد المواطن على هذا النظام الجديد في التعامل.
وبحسب قرار مجلس الوزراء في أذار الماضي، فقد تم تحديد الأول من حزيران الحالي موعداً للمباشرة بالعمل بالدفع الإلكتروني في جميع مؤسسات الدولة والقطاع الخاص مثل المتاجر والأسواق والمولات ومحطات الوقود والجامعات الأهلية وغيرها.
من جانبه، انتقد عضو اللجنة المالية النيابية محمد نوري عزيز التباطؤ في تعامل الدولة مع الأنظمة النقدية الحديثة، متهماً جهات مستفيدة لم يسمِّها بمحاولة إفشال الأساليب المتطورة في التعاملات النقدية.
وقال عزيز لـ”الصباح”: إنَّ “بعض الفعاليات التي أطلقتها وزارة المالية أو بعض الوزارات الأخرى لم تكتسب فعاليتها المطلوبة”، وضرب مثلاً بنظام الأتمتة الذي تعاقدت عليه الهيئة العامة للضرائب ولم يتم تفعيله. وأضاف “جرّبنا مجموعة من الأنظمة التي لم تفعّل جدياً، والتي كان من الممكن أن تحدّ من الفساد والتزوير والمحسوبية والتهرب”، مؤكداً أنه “حتى الآن هي مجرد اتفاقيات ولم ينتج عنها شيء ملموس، والأسباب جزء منها حكومي وبيروقراطي، وجزء منها بسبب وجود جهات مستفيدة من الأنظمة القديمة في التعامل النقدي لمنافع شخصية» .
وما زالت أنظمة الدفع في العراق تقليدية، إذ يفضل المواطن الاحتفاظ بأمواله السائلة تحت يده، والتعامل النقدي اليدوي، بينما وصلت طرق الدفع الإكتروني عالمياً إلى مراحل متقدمة جداً، وتعمل عشرات المصارف في هذا المجال، وتقدم تسهيلات للزبائن تدفع بالعملية النقدية إلى الأمام.
وأشاد الخبير سمير النصيري مستشار رابطة المصارف الخاصة العراقية بالتحول الرقمي في القطاع المصرفي، ودعا لنشر التوعية المصرفية بين المواطنين بأهمية وإيجابيات الدفع الإلكتروني، عبر عدد من الإجراءات المهمة.
وقال النصيري لـ”الصباح”: إنَّ “التحول الرقمي في القطاع المصرفي باستخدام تقنيات الدفع الإلكتروني في التعاملات المالية والتجارية يعد من أبرز التطورات التي يقودها البنك المركزي وتنفذها المصارف الحكومية والخاصة» .
وأضاف أنَّ “قرار مجلس الوزراء بنشر استخدام أجهزة نقاط البيع(POS) بشكل واسع في التعاملات المالية والانتقال من مجتمع النقد إلى اللا نقد تماشياً مع ما ورد بالبرنامج الحكومي يُسهم بتطوير العمل المصرفي، والمضي بخطط الشمول المالي والرقمنة للتعاملات المصرفية وبما يلبي المعايير العالمية والمواصفات المعمول بها على المستوى الدولي» .
وأكد النصيري “ضرورة الالتزام الدقيق للجهات الواردة في تنفيذ القرار على وفق الإجراءات والآليات المحددة بفقرات القرار، كما تبذل جهوداً تثقيفية وإعلامية وإعلانية كبيرة لنشر التوعية المصرفية بين المواطنين بأهمية وإيجابيات الدفع الإلكتروني على مستوى الفرد والمجتمع”، مشدداً على أنَّ “الثقافة المصرفية لدى المواطنين باستخدام هذه الوسيلة التقنية الحديثة للانتقال من الدفع بالكاش إلى الدفع بهذا الأسلوب ضعيفة جداً، يضاف إلى ذلك ضعف المعرفة وسبل التحفيز لأصحاب المولات أوالمحال التجارية والخدمية والجهات والمجالات التي يمكن استخدام هذا النوع من التعاملات المالية والمصرفية اليومية» .
وتابع النصيري أنَّ “الحاجة ماسَّة إلى تطوير خدمات الاتصالات وتسهيل استخدام خدمات الإنترنت، وهو ما يتطلب وجود دعم حكومي لعملية التوسع في استخدام البطاقات الإلكترونية ونقاط البيع بالزام الوزارات بالتعاون مع البنك المركزي العراقي، وأتمتة الأعمال وتسهيل الإجراءات الروتينية كافة”، ولفت إلى أهمية “تقديم حوافز تشجيعية لمقدمي الخدمة وتقديم تسهيلات مصرفية كاعفائهم من الضرائب» .