غازي ثجيل .. أغرودة في بساتين الهوى

ثقافة شعبية 2023/06/08
...

 منذر زكي
 أثارت ظاهرة الحداثة للشعرالعامي شغف الأدباء ورواد الفنون الأخرى بجمالها الخلاب وتكوينها المفتوح ، فتعالت الأصوات لنقاد النص آنذاك لكنها لم تحدق بما آلت له القصيدة، فكسر القيود وارتقاء الصورة  واختفاء الاسلوب القصصي واستخدام الرمزية التي أبهرت قراءها بثقافة الشاعر وقدرته المعرفية، ناهيك بتحصين اللغة المحلية بمفردات الفصاحة، ما هو الا إيجاز بسيط لظاهرة الحداثة الشعبية لأنها تحوي كنوزا وقواعد شعرية عديدة، استطاع أن يسردها من كان هاجسه التجديد والحداثة ومنهم (ريسان الخزعلي وكاظم غيلان ) فقد وثقا شرحاً وافياً لحداثة النص قبيل ظهور بواكيره على لسان مؤسسه النواب  .
إن جمال الحداثة المرصع بالفكر والمعرفة أغرم عاشقيها بهوس أبياتها وأخرج من تحت جلبابها كوكبة شعراء غنت لهم الألسن (غازي ثجيل ) أنموذجاً حياً ترعرع حارات التجديد وشب عليها  فنسج الحرير بنتاجاته الشعرية التي كانت ومازالت تحت طاولة النقاد ومجهر القراءات المستمرة، ولكنها أتسمت بخجل كلاسيكي في السرد والمضمون، زاول موهبته بحنكة ودراية متأثرا بالظاهرة النوابية، تميز بالايحاء والفصاحة، عشق المفردة الشعبية واغرم بتنميتها فغدا محباً للجمال ومؤرخا لشوارع مدينته متغزلا بنسائها ومتألما احيانا لتشظي مستقبلها :
مسافرين وعيني مشدودة لدربكم
لامناص لسفر الحبيب الا وعيني تنطر في هوى خطاه، هكذا يفصح ثجيل بمشاعره بعد فراق الاحبة وطول السفر فليس لي إلا نظري وروحي تتسمر أمام عتبات الطريق عسى أن تستلهم عطر جدائلكم
وأحنه طرزنا الستاير للشبابيج العبر منها الضوه
واحنه علمنه الخلك طبع الوفه بدرب الهوه
أفحمنا (غازي ثجيل ) بهذين الشطرين بتوليف اللغة العامية وتقفيتها بقافية موسيقية تتناغم مع سمفونية البحرالذي اختاره ، فقد دق جرس الهوى في كل صباح خلف ستائر العشق لتداعب رموش الترجي مواعيد اللقاء وتتورق أشجار المنادي وفاء فتومي للمحبين ببساتين الهوى.
قبل شروع الناقد بأدواته المعرفية، يجب أن يعتمر قبعة التجديد ويجري نحو كمال الصورة  بحيثياتها المختلفة  ولايرتمي نحو فرز الايجابي والسلبي فقط وإنما سقي النتاج الشعري بأسس الحداثة وتنوير معتنقيها ولعل أبرز من احاط ذلك هو (الناقد
الشاعر) لأنه خالق للشعر كما سماه الناقد الانكليزي (رينيه ويليك ) النقد
الولادي .