دعوات لـ {جلسة نيابية طارئة» لمناقشة مدى تأثر العراق بالقرار الأميركي ضد إيران

العراق 2019/04/24
...

بغداد/ عمر عبد اللطيف/ شيماء رشيد / مهند عبد الوهاب
اثار قرار الرئيس الاميركي دونالد ترامب، القاضي بعدم تمديد الاعفاءات الممنوحة لبعض الدول من العقوبات الايرانية، "لغطا كبيرا"، في الاوساط السياسية الدولية والاقليمية والعراقية، يرافقه قلق من تأثر العراق، في ظل اتساع الميزان التجاري بين بغداد وطهران. وتتبنى الحكومة مبدأ "التوازن" في علاقاتها الخارجية، سواء العربية او الإقليمية او الدولية، بما يصب في مصلحة العراق مع رفض سياسة المحاور، وسط مطالبات بضرورة الا تدفع القوى السياسية صانعي القرار العراقي الى "زاوية حرجة"، دون الالتفات الى مصلحة البلد. مع ذلك، دعا اعضاء في مجلس النواب الى عقد "جلسة طارئة"، لمناقشة تأثر العراق بهذا القرار لاخذ التدابير اللازمة والخروج بموقف عراقي موحد مع استضافة كبار المسؤولين في وزارتي النفط والكهرباء.
الاقتصاد العراقي 
وقال عضو مجلس النواب ريبوار كريم لـ"الصباح": ان "مجلس النواب ورئاسة الجمهورية بانتظار رأي الحكومة بقرار الولايات المتحدة الاميركية القاضي بتصفير الصادرات النفطية الايرانية مما يؤثر سلبا في الاقتصاد العراقي".
واضاف كريم ان "الكتل السياسية تحتاج الى اتفاق بينها للخروج برأي موحد تجاه هذا القرار، على ان تكون مصلحة العراق فوق كل الاعتبارات وبشكل يخدم مصالح المواطنين قبل كل شيء".
من جانبه، دعا النائب سركوت شمس الدين الى عقد جلسة طارئة لمجلس النواب لتحديد موقف العراق من القرار الاميركي"، موضحا ان "العراق قد يتأثر بأي حصار سياسي واقتصادي يفرض على ايران من قبل الولايات المتحدة الاميركية كونه يعتمد على طهران في استيراد بعض المنتجات وفي مقدمتها الغاز". واضاف ان "الخروج بقرار سياسي موحد يمكن ان ينقذ العراق من هذه الازمة، اذ يجب ان يكون عقلانياً بعيدا عن اي عواطف، مع تقديم مصلحة العراق فوق الجميع، خصوصاً ان الجانبين الاميركي والايراني يؤثران في الوضع العراقي بشكل مباشر". وطالب شمس الدين "الحكومة بتجنيب العراق اي صراع يحصل في المنطقة، قد يؤثر في امنه واستقراره".
 
 
العلاقات السياسية 
من جانبه، بين عضو مجلس النواب صادق السليطي، في تصريح لـ"الصباح"، ان "مواقف الدول من القرار الاميركي ضد ايران مرتبطة بعلاقاتها السياسية"، موضحا انه "خاطب وزارة النفط في كانون الثاني الماضي مع بداية فرض العقوبات على ايران، بشان خطتها بما يخص الغاز المصاحب وتوفيره لمحطات التشغيل الكهربائية، ولم تكن اجاباتها مقنعة". 
ولفت الى ان "مادة الغاز هي العمود الفقري لبعض محطات الكهرباء في العراق، وان ما يستورد من ايران غالي السعر ومكلف، اذ يفترض ان ترتقي الوزارة بخطة الغاز وترفع الانتاج بما يؤمن حاجة الكهرباء من تلك المادة".
ورأى ان "العراق بحاجة الى تشكيل خلية ازمة لحل مشكلة الغاز وانتاجه، فضلاً عن التحرك الدبلوماسي السريع لاستثناء العراق من العقوبات ولو لثلاثة اشهر اخرى، على ان يكون ذلك مشروطاً بتقديم خطة لتطوير هذا القطاع والنهوض بانتاجه باسرع وقت". الى ذلك، افاد عضو مجلس النواب غالب محمد علي، في تصريح لـ"الصباح"، "بان العراق يقف محايداً في المشاكل بين الولايات المتحدة وايران، وحصر مشكلتنا في كيفية امتلاك الغاز الذي يشغل المحطات الكهربائية"، لافتا الى ان "الكثير من المشاكل عصفت بالعراق خلال المدة الماضية ومازال هناك بعضها".
 
الصادرات النفطية 
وبين النائب رياض التميمي، في تصريح لـ"الصباح"، ان "الولايات المتحدة حددت الصادرات النفطية فقط ولم تحدد الطاقة او الغاز"، موضحا ان "العراق بامكانه ان يكون وسيطا محوريا لحل تلك المشكلات بين البلدين".
ونبه الحكومة على ان "تأخذ بنظر الاعتبار الانتصار على داعش الارهابي والازمة الاقتصادية التي المت بالعراق والا تضع لنفسها ازمة جديدة".
فيما ذكر عضو مجلس النواب سعران الاعاجيبي، في تصريح لـ"الصباح" ان "العلاقات بين العراق وايران كبيرة جدا خصوصا في الجانب الاقتصادي، مبينا ان ذلك قد يجبر الولايات المتحدة الاميركية على استثناء العراق من العقوبات على ايران"، داعيا الحكومة الى النظر الى "مصلحة الشعب من دون مجاملة اي طرف سواء اميركا او ايران".
واشار الى ان "العراق مع مصلحة الشعب الايراني كونه بلدا مسلما ولكن هذا لا يعني اثارة مشكلة مع اميركا لارضاء ايران على ان تبقى مصلحة العراق في المقدمة".
بدوره، قلل عضو مجلس النواب علاء الدلفي من تأثر العراق في العقوبات الاميركية على ايران بسبب العلاقات المميزة مع المملكة الاردنية والمملكة السعودية لذلك سيكون هنالك تعويض من قبلهم"، مبينا في تصريح لـ"الصباح"، وجود "بدائل عن الجارة ايران في سد السوق العراقية".
 
رؤية واضحة 
وفي نفس الشأن، دعت عضو مجلس النواب ندى شاكر جودت الحكومة الى اتخاذ رؤية واضحة من القرار ودراسة التبعات التي من الممكن ان تؤثر في الاقتصاد العراقي"، مبينة ان "العراق حصل على تمديد واستثناء مرتين من اميركا بشأن استيراد الغاز من ايران ونفس المدة مع تركيا بخصوص سد اليسو"، متسائلة عن "الاجراءات والتدابير التي اتخذتها الحكومة من اجل تفادي هذه العقويات؟.
واضافت لـ"الصباح"، ان "قرار فرض العقوبات على ايران قرار خطير وعلى الحكومة ان تتخذ التدابير اللازمة من اجل تخطي هذه الازمات"، مشيرة الى ان "القرار واضح ولا يحتاج الى تفسير وهو صراع بين مركزي قوة لذلك يجب ان تتخذ الحكومة قرارها بعد الدراسة مع مجلس النواب والتوصل الى رؤية واضحة بهذا الشأن".
واكدت ان "هناك من السياسيين يتخذ موقفا مع ايران وهناك من يتخذ موقفا مع اميركا وبوجهتي النظر هذه يجب ان تدرس الحكومة ذلك ومع جهة نظر اخرى مهمة وهي ان القرار عراقي وذو سيادة وهوية وطنية لهذا سيكون الفيصل في اتخاذ القرار هو الحكومة". واوضحت ان "علينا كدولة ان نتجه الى بناء البلد بعيدا عن تأييد اي دولة على حساب دولة اخرى وانما نطمح الى بناء بلدنا بعد ان تحقق النصر الكبير على الارهاب وتحقق الانفتاح الدبلوماسي والاقتصادي".
مهلة الـ90 يوما 
وافاد النائب امجد العقابي، في تصريح لـ"الصباح"، بان "الرئيس الاميركي كان قد حذر العراق  في بداية العام الحالي من استمرار التعامل مع ايران بشأن الغاز والكهرباء اضافة الى اعطاء مهلة 90 يوما لايجاد البدائل"،  مبينا "انا بدوري كنائب وجهت سؤالا برلمانيا الى وزارة الكهرباء بشأن البديل".
وبين ان "العراق خرج منتصرا ضد داعش ولا يمكن ان ندخل معركة اخرى ولا نريد ان يكون العراق ساحة للصراعات"، مشيرا الى ان "البلد انفتح على جميع الدول الاقليمية والعالمية من خلال نجاح العمل الدبلوماسي ومن غير الممكن ان نفرط في هذه الفرص المهمة لبناء العراق".
وافاد بان على "العراق التعامل مع القرار بكل دبلوماسية من اجل الحفاظ على المكاسب السياسية والاقتصادية التي خطاها نحو المستقبل" موضحا انه "مقبل على استيراد الطاقة من تركيا والسعودية وهي دول غير محظور التعامل معها".
اما النائب عامر الفائز فلفت الى ان "القرار الاميركي تجاه العقوبات على ايران يعد قرارا احادي الجانب وغير ملزم للدول وان العراق يمتلك سيادة كاملة ولا يمتثل لقرار دولة معينة ".
واشار لـ"الصباح" الى ان "العراق لن يتضرر من هذا القرار وان العقوبات الاميركية قد تكون مجرد وسائل ضغط"، لافتا في الوقت نفسه، الى ان "الحكومة مستمرة بسياستها الدبلوماسية تجاه كل الدول الصديقة في المنطقة والعالم".
 
طبيعة الوضع العراقي
وسط ذلك، يرى رئيس مركز التفكير السياسي احسان الشمري في حديثه لـ"الصباح"، ان "العقوبات الاميركية ستؤثر بشكل كبير في العراق خصوصا وانه يقع ما بين جار قوي وصديق اقوى"، موضحا انه "على واشطن وطهران تفهم طبيعة الوضع العراقي والامر الاخر على القوى السياسية ان لاتدفع صانع القرار السياسي في العراق الى زاوية حرجة ولابد من ايلاء مصلحة العراق اهمية قصوى".
وبدوره اكد الخبير الاقتصادي اسامة التميمي، في تصريح لـ"الصباح"،  ان "قرار الولايات المتحدة الاميركية مدروس بعناية لان تاثيراته ستكون واسعة على سوق النفط، لا سيما النفط ارتفع بمعدل دولارين". وذكر ان "الاثر الذي سيخلفه القرار له عدة اتجاهات، حيث سيصب في مصلحة الدول التي تساند اميركا  في سياستها منها السعودية والامارات، كما سيجعل العراق بعيدا عن التعامل مع ايران، في ظل سياسة الولايات المتحدة القاضية الى تحجيم واردات ايران الى اكبر قدر ممكن".
وأعلن البيت الابيض، امس الاول، أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب قرر عدم تمديد الاعفاءات الممنوحة لبعض الدول من العقوبات الايرانية، بينما اشار الى أن السعودية والإمارات وافقتا على إجراءات مرحلية لتأمين النقص في سوق النفط.
وأعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات في تشرين الثاني الماضي على صادرات النفط الإيرانية، بعد أن انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من جانب واحد من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وست دول كبرى.
وبعد إعادة فرض عقوباتها على طهران منحت واشنطن استثناءات لثماني دول (الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان وتركيا وإيطاليا واليونان) لمدة 6 أشهر يمكنها خلالها شراء النفط الإيراني من دون أن تتعرض لعقوبات أميركية.