علي حسن الفواز
كشفت استقالة رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسن من البرلمان البريطاني عن أزمة عميقة في حرب المحافظين، فبقطع النظر عن الأسباب الظاهرة للاستقالة، والتي ارتبطت بعدم التزامه بشروط القيود الخاصة بالوقاية من "كوفيد 19" وتعريض المقر الحكومي إلى مخاطر صحية، فإن الواقع يضع هذه الاستقالة في سياق تفاقم المشكلات الداخلية بين أعضاء الحزب الحاكم، فضلاً عن التعقيدات التي تواجه رئيس الوزراء الحالي ريشي سوناك، والذي انتقده جونسن لعدم اتخاذه الإجراءات الرادعة إزاء حملة التشهير التي تعرّض لها، فضلاً عن ضعفه في إعادة الزخم الانتخابي إلى الحزب كما وصفه جونسن.
قراءة هذه الاستقالة تدخل في سياق متغيرات سياسية تعيشها أوروبا، بسبب استمرار الحرب الأوكرانية الروسية، وموقف بريطانيا منها، وكذلك في ظل ظروف داخلية لها انعكاساتها على الواقع الاقتصادي، وعلى ارتفاع نسب التضخم، فضلاً عن التهديدات التي تتعرض لها بريطانيا بسبب مشكلات المهاجرين، وعدم القدرة على مواجهة تداعياتها، وهناك من يقرأ الاستقالة بأنها مناورة، وتدخل في إجراءات الضغط على رئيس الوزراء، وأنه يوظفها في خلق ظروف مناسبة، يمكن أن تدفعه إلى العودة للحياة السياسية، والدخول في منافسة أخرى لقيادة حزب المحافظين في الانتخابات التشريعية المقبلة، وهو ما أشارت إليه هيئة الإذاعة البريطانية بالقول: إنَّ "شبح بوريس جونسون سيظل يطارد ريشي سوناك" فضلاً عن أن استقالة جونسن تأتي في ظلّ تحديات صعبة يواجهها الحزب، وتدني مستويات شعبيته في الاستطلاعات، وانتكاسته في الانتخابات المحلية التي جرت الشهر الماضي، وهو ما أشار إليه جونسن منتقداً سياسة خلفه ريشي قائلاً" عندما تركت منصبي العام الماضي لم تكن الحكومة تسجل سوى تأخُر ببضع نقاط في استطلاعات الرأي، واليوم اتسعت هذه الهوة بشكل كبير".
هذه المعطيات قد تجعل مهمة الرئيس ريشي صعبة في مواجهة الضغوطات، لاسيما احتمال استقالة أعضاء جدد في الحزب من البرلمان، والذي سيُشكّل عنصر ضغط على قدرته في ضبط إيقاع المسار السياسي، وفي إجراءاته لمعالجة الأزمة الاقتصادية، وتعزيز الاستقرار السياسي، وبما يقلل من تأثير هذه الاستقالة، أو غيرها على جهوده في نجاح برنامجه السياسي.