لا تبدو زيارة نائب رئيس مصرف جي بي مورغان"دانيال زيليكو" إلى بغداد، مفاجئة في سياق تطور الأحداث والمتغيرات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط جرَّاء تداعيات أزمة الطاقة التي سببتها الحرب في أوكرانيا وأثرها في الخارطة الاقتصادية في العالم، علاوة على تزايد التواجد الصيني في منطقة الشرق الأوسط عبر عدد من اتفاقيات التعاون التجاري والاقتصادي التي أبرمتها الصين مع دول المنطقة في سياق العمل بمبادرة "الحزام والطريق" فضلاً عن التغيرات المرتقبة في خارطة التجارة الدولية على مساحة الأرض العراقية، إثر الإعلان عن مشروع طريق التنمية الواصل عبر القناة الجافة بين الخليج العربي وميناء جيهات التركي باتجاه أوروبا، إذا علمنا أن "جي بي موركان" هو اللاعب الرئيس في التبادلات والتداولات المالية في العالم بوصفه المزود الرئيس للخدمات المالية في العالم وأكبر مصرف في الولايات المتحدة.
وسبق لـ "جي بي موركان" أن تولى عملية التحويلات المالية الخاصة بالتجارة العراقية مع الصين عبر منصة سويفت في شباط الماضي، لتسهيل المدفوعات من النظام المصرفي العراقي إلى النظام المصرفي الصيني بهدف تمويل استيرادات القطاع الخاص بشكل مباشر.
ولجي بي موركان دور في عدد من القضايا المتعلقة بإدارة الاحتياطيات العراقية وإدارة السيولة فضلاً عن الدعم الفني المقدم من المصرف المذكور للبنك المركزي العراقي وللقطاع المصرفي في العراق. بحسب بيانات الجهات ذات العلاقة علاوة على حرص الجانب العراقي المستمر لإظهار مدى التزام البنك المركزي بتطبيق المعايير الدولية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز العلاقات مع البنوك المركزية في الدول المنخرطة في المنظومة ذات التعاملات والتداولات مع جي بي موركان .
ما يوحي بوجود دور مهم ومرتقب للمصرف المذكور يمكن أن تتضح ملامحه خلال المرحلة الحالية، بما يمهِّد لوجود صناعة مصرفية في العراق ترتقي إلى مستوى الصناعة المصرفية في العالم، وبما يؤسس لأرضية مشتركة بين جي بي موركان والنظام المصرفي العراقي، ومن هنا وعلى ما يبدو "وبحسب بيان رسمي" جاء طلب البنك المركزي العراقي من زيليكو "فتح مكتب تمثيلي في العراق" ، وهذا المكتب ربما سيكون بداية للتطبيقات المباشرة الخاصة بالإشراف والرقابة وانطلاقة حقيقية للتواجد المصرفي العالمي، وعنصراً داعماً لاستقطاب الرساميل الاستثمارية تمهيداً لملء الساحة المصرفية الخالية من تواجد مصارف العولمة.