بغداد: حسين ثغب التميمي
طالب خبراء اقتصاد الحكومة بالتوجّه صوب المشاريع قيد التنفيذ والتي تلامس حياة المواطن وتعزِّز القدرات الاقتصاديَّة، بعد إقرار الموازنة الاتحاديَّة لثلاثة أعوام متتالية ابتداءً من 2023 والتي بلغت 197 تريليوناً و828 مليار دينار، مشددين على حتميَّة توظيف التخصيصات الاستثماريَّة في المشاريع التي تنقل البلاد إلى مرحلة جديدة أكثر أهمية.
وقال استشاري التنمية وعضو منتدى بغداد الاقتصادي عامر الجواهري لـ “الصباح”: “بعد إقرار قانون الموازنة الاتحادية مطلوب من الحكومة تحرك سريع للعمل على إنجاز المشاريع قيد التنفيذ والتي تلامس حياة المواطن ولها أثر واضح في سوق العمل المحلية، وكذلك العمل على تفعيل الصناديق المعنية وأولها الصندوق العراقي للتنمية وصندوقا سنجار وذي قار وتشكيل مجلس تنفيذي لاستثمار الأموال التي خُصِّصت لتنفيذ
مشاريع بالشكل الصحيح».
وأضاف أنَّ هناك ضرورة للتحرك على المشروعات الكبرى التنموية، ويجب أن تفعَّل بشكل سريع ومنها على سبيل المثال مشروع النبراس للصناعات الكيمياوية، الذي كان وجوده خجولاً في الموازنة لأنه تصاميم واستثمارات”، لافتاً إلى أنه “اليوم البلاد بحاجة إلى المباشرة في التنفيذ وألا نواصل التخطيط بعيداً عن التنفيذ”، مشيراً إلى أنَّ “قطار بغداد المعلق يجب أن يكون أولوية كونه يعد من أهم المشاريع الخدمية في البلاد».
ولفت إلى “ضرورة العمل على جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية المباشرة التي يمكن لها التواجد داخل سوق العمل حتى تشهد هذه السوق حركة متواصلة، وهذا الأمر يحتاج إلى تمكين القطاع الخاص رغم أنَّ الموازنة إشارتها كانت بسيطة في مفصل دعم القطاع الخاص، وطالما أقرت موازنة لثلاث سنوات يجب أن تعمل الحكومة على دعم جميع القطاعات دون استثناء، لاسيما أنَّ تحريك الاقتصاد يحتاج إلى خطوات جادة وفاعلة تحرك
جميع مفاصل الاقتصاد».
يذكر أنَّ مجلس النواب أقر موازنة الأعوام (2023- 2024- 2025) وتبلغ موازنة العام الحالي 152,2 مليار دولار، أي نحو 197 تريليوناً و828 مليار دينار.
المختصّ في شؤون التنمية والمالية عقيل جبر علي المحمداوي قال: “بعد إقرار الموازنة العامة الثلاثية من استعادة المؤشرات الرئيسة لما قبل الأزمة 2022، فجأة كان هناك انخفاض حاد في الاقتصاد العراقي وانتقاله أولاً إلى مرحلة الركود الاقتصادي في بداية عام 2020 الذي رافقه انتشار جائحة كورونا، ثم إلى ركود عميق في عام 2020- 2021 مع ثلاثة أضعاف النمو التضخمي في وقت واحد ومضاعفة التكلفة العالية للموازنة في 2022، يمكن استخدام نتائج هذا التحليل في الاقتصاد المالي لوضع مقترحات معقولة لاستئناف التنمية الاجتماعية والاقتصادية في العراق على أساس نموذج جديد للنمو والتنمية الاقتصادية وفق الأسس المنهجية والموضوعية الواقعية
والمدروسة بنموذج قياسي».
ونبه إلى أنه “بناءً على هذا التحليل، يتم إثبات مقترحات الانتقال إلى سياسة اقتصادية جديدة لسياسة الاستثمار النشطة والاستثمارات في رأس المال البشري مع تحفيز النمو الاقتصادي والإصلاح المؤسسي والاقتصادي والمالي الحقيقي لإزالة الحواجز التي تحول دون تحقيق وإنجاز مؤشرات التنمية الملموسة».
وأوضح أنَّ “نهج الموازنة القائم على تحسين مواجهة المخاطر لإدارة الشؤون المالية والموارد المالية للموازنة العامة الاتحادية لعام 2023 منهجية جديدة يتم اعتمادها من خلية الإصلاح والسلطة المالية معاً لتحصين وبناء منهجية جديدة في الاقتصاد المالي أكثر جودة ورصانة وبناء مصدات مالية موثوقة للأزمات والمخاطر المتوقعة التي تجابه تنفيذ الموازنة العامة الاتحادية 2023- 2025 مع تمكين فريق متخصص وخبير في الاقتصاد المالي بغية ضمان تنفيذ المنهجية الجديدة وتوظيف الاستخدام الأمثل لتخصيصات الموازنة الاتحادية في تنمية ونمو الاقتصاد الوطني».
المختص بالشأن المالي د. مصطفى محمد إبراهيم قال: “ينظر إلى الموازنة الثلاثية للأعوام (2023، 2024، 2025) بأنها موازنة ذات اتجاهات استثمارية والابتعاد عن الاتجاه التشغيلي الجاري مما يعني موازنة ذات أهداف متوسطة الأجل نحو تقديم الخدمات للمواطنين وعلى الرغم من أنها ثلاثية لكنها ستخضع لبعض التعديلات لعامي (2024، 2025) نتيجة الأحداث الاقتصادية التي ستحدث بالبلد مستقبلاً ولاسيما اعتماد إيرادات
الموازنة على النفط».
وأشار إلى أنه “وعند تحليل هذه الموازنة المتوسطة الأجل نجد أنها تتجه نحو تنفيذ المشاريع الاستثمارية القصيرة والمتوسطة الأجل كمشاريع البنى التحتية ومشاريع الطاقة والعمل والشؤون الاجتماعية التي تمس حياة المواطنين، فضلاً عن أنَّ هذه الموازنة فيها (5) صناديق تنمية وإعمار وقسِّمت هذه الصناديق على صندوقين موجودين مسبقاً ويستمر العمل بهما (صندوق إعمار محافظة ذي قار، وصندوق إعمار المناطق المتضررة من العمليات الإرهابية) أما الصناديق الثلاثة الأخرى بمبلغ (1550) مليار دينار فهي صندوق تنمية ودعم قوى الأمن الداخلي، وصندوق إعمار سنجار وسهل نينوى، وصندوق إعمار المحافظات الأكثر فقراً وحرماناً، ولكن تواجه هذه الصناديق تحديات جمة وهي التمويل بمجرد انخفاض أسعار النفط ستكون هذه الصناديق الضحية الأولى لترشيد النفقات، والتحدي الآخر البيروقراطية وهي الإجراءات الروتينية والقوانين التي لا تسمح لها بالعمل والاستثمار بقواعد السوق».
ونبه إلى أنَّ “التحدي الآخر مستقبلي ويعني أنَّ هذه الصناديق ذات استقلال مالي وإداري ولا توجد آلية أو قوانين نافذة تضمن استمرار عملها ومن ثم يكون مصيرها الانحلال بمجرد انتهاء قانون الموازنة، أما التحدي الأخير فهو الحوكمة والكفاءة بأن تكون جميع النفقات الحكومية من خلال الموازنة سمتها غياب الشفافية والحوكمة في عمل هكذا كيانات خارج إطار إدارة الضمانات الحكومية».