السودان وعقد دارفور

قضايا عربية ودولية 2023/06/17
...

علي حسن الفواز



أثارَ مقتل الجنرال خميس أبكر والي غرب دارفور، كثيراً من الأسئلة حول متغيرات الصراع في السودان، وتصفية الحساب بين الحركات المسلحة، لاسيما بين جماعات التحالف السوداني الموقعة على اتفاق جوبا للسلام، والذي يعكس عدم قدرة أيّ من الفريقين على حسم الصراع لصالحه، فضلاً عن علاقة ذلك بالطبيعة الجيوسياسية لمنطقة «دارفور» ولدور القبائل والاثنيات في المشهد السوداني، وتأثيرها في وقائع معارك السلطة بين الجيش وجماعة الدعم السريع.

قتل الزعيم أبكر جعل من العنف العسكري يأخذ طابعا تصفويا، عبر توسيع منطقة الصراع، ليشمل مناطق أخرى في غرب السودان ذات الخصوصية القبائلية، وبما يجعل هذا الصراع مدعاة لإحداث تشظيات خطيرة من الصعب السيطرة على تداعياتها، إذ سيقوّض النزاع حلم السودانيين بالديمقراطية وبالحكم المدني الذي استبشروا به بعد رئاسة عبد الله حمدوك لرئاسة الوزراء.

ما يجري من أحداث سريعة، ومن عنفٍ آخذ بالتفاقم هو اعتراف بفشل الانتفاضة الشعبية السودانية، وضعف القدرة على إيجاد الحلول الستراتيجية لمعالجة الصراع في المدن الكبرى، وكذلك في دارفور التي تحوّلت إلى ساحة لما يشبه الحرب الأهلية، والتي ستجد في جريمة القتل الزعيم الدارفوري زيتا سيُصبّ على النار المشتعلة في هذا الصراع المفتوح.

متغيرات الواقع السياسي، تحولت إلى متغيرات عسكرية، وإلى نوعٍ من اقتسام الأرض، وهو ما يجعل البحث عن حلّ توافقي أكثر صعوبة وتعقيداً، لاسيما بعد أن تمّ فك الشراكة الرئاسية بين الجنرال البرهان، والجنرال حميدتي،  وصولاً إلى تعيين مالك عقار، رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان  نائبا لرئيس مجلس السيادة، والذي بدا وكأنه إعلان للبحث عن خيارات أخرى، لا يدخل الحوار المباشر بين “الجنرالين” في سياق الاختيار، رغم أن الاتحاد الافريقي قد كلّف مؤخراً اثيوبيا بجمعهما في حوار مباشر، لإنهاء الحرب، ولإعادة ترتيب البيت السوداني.

فسرّ البعض تصفية الجنرال أبكر لانحيازه للجيش، أو ربما لتصريحه بأن “المواطنين اليوم يُقتلون بطريقة عشوائية جداً وبأعداد كبيرة” وهي إشارة تغمز إلى إدانة جماعات الدعم السريع التي تقوم بأعمال عنف في إقليم دارفور، لاسيما في منطقة «الجنينة» التي تحوّلت إلى منطقة منكوبة، مثلما فسرّه البعض الآخر بأنه تعبير عن النهايات التراجيدية لزعماء الفصائل المسلحة، والتي يمكن أن تطال آخرين منهم، بسبب تأرجح المواقف وتغيّر الولاءات، أو جرّاء تغيّر معطيات الصراع على الأرض.