أبو القانون

الصفحة الاخيرة 2023/06/20
...

حسن العاني

لم تنشأ بيني وبين الملك حمورابي علاقة من أي نوع، مع أن هذا الرجل بلغة الاحساب والانساب هو (جدي) وجدُّ العراقيين، ولهذا لا امتلك غير الاعتذار له، وطلب الصفح منه، ولكن (الجريمة)، الكبيرة التي ارتكبتُها بحقه أنني أجهل الكثير والمهم من انجازاته الخالدة وافكاره التي سبقت عصرها، وسيرته التي تضعه مع أعظم عظماء التاريخ.. وكل ما أعرفه بضعة سطور قرأتها أيام الدراسة الابتدائية، وهي معرفة لا تُشبع ولا تُغني ولا تُسلط ضوء على بصمات جدنا البابلي التي كانت من ابرز معالم الحضارة الانسانية، وربما تكفي الاشارة هنا إلى أن علماء الآثار أعادوا اكتشاف حمورابي في أواخر القرن التاسع عشر، حيث توصلوا إلى أنه يُعدُّ (مثالاً يحتذى به في الحكم زيادة على كونه من أم الشخصيات في تكوين القانون)!
الحقيقة أذهلني بحث مختصر وقفت عليه مؤخراً عن هذه الشخصية العراقية الفذة، واجاب عن تساؤلات قديمة جداً، ما زالت ذاكرتي تحتفظ بها عن معنى ودلالة تلك المنحوتة التي تمثل شريعة حمورابي، وعن الكلام الواسع حول قوانينه ومسلته، وعرفت لأول مرة بأن (شريعة حمورابي هي مجموعة قوانين بابلية يبلغ عددها 282 مادة سجلها الملك حمورابي – سادس ملوك بابل – على مسلة كبيرة، اسطوانية الشكل، منحوتة من حجر الديوريت الأسود، والمحفوظة اليوم في متحف اللوفر)، وتظهر المنحوتة حمورابي في وضع الوقوف، وهو يتلقى شارته الملكية من (شمش) أو ربما مردوخ!
تجدر الاشارة الى إن هذا الملك او الامبراطور على وجه الدقة، قد حكم [ من سنة 1792 ق.م الى سنة 1750 ق.م ]، أي استمر حكمه قرابة 42 سنة، أي اكثر من (10 ولايات)، ولهذا لا غرابة أن يعمد أحفاده من رؤساء الحكومات الى تجديد ولايتهم مرتين وثلاثاً واربعاً والى ما لا نهاية لولا عين الشعب الحمراء!
تم تصنيف قوانين حمورابي الى 12 قسماً لم تغفل قضية من القضايا، صغيرة أو كبيرة، الا وتضمنتها ووضعت حدودها وعقابها وجزاءها ابتداءً بالقضاء والشهود، وانتهاءً بالأسعار والاجور ... على ان الامر اللافت للنظر حقاً في هذه القوانين – التي تدعو إلى الإعجاب بتلك العبقرية المبكرة – إنه كان (يتم تعديل بعض القوانين واضافة القواعد التي تتطلبها المرحلة الجديدة التي تمر بها الامبراطورية)، ومن هنا
يجب ألا نصاب بالدهشة مما نشهده في العراق، حيث تطورت القوانين بما يخدم المرحلة، فبينما كانت أية مشكلة بين طرفين يتم حلها باللجوء الى مركز الشرطة او المحكمة، أصبحت المشكلات والطلايب في الوقت الحاضر تحل عبر الفصل العشائري!.