وسائل التواصل.. تقاربٌ بلا ثورات ولا دماء

منصة 2023/06/20
...

  بغداد: نوارة محمد
لو أن شبكات التواصل الاجتماعي كانت موجودة في خمسينيات القرن الماضي لما انطلت علينا أكاذيب الانقلابات العسكرية، ولم تسفك الدماء من أجل شعارات جوفاء، ولكنا نحن العرب قد توحدنا بلا دكتاتوريات وتفردات بالسلطة، لكننا الآن شعب واحد بلا ذكريات مأساوية ولا حروب استعراضية.
لقد اتاحت الشبكة العنكبوتية فرصة للناس أن يجتمعوا على بعد الاف الكيلومترات، وأن نشاهد ببساطة يوميات، وأخبار النجوم، والكُتاب، والرؤساء.
أن يّصر مشاهير التيك توك على قضاء ساعات طويلة من شتى البلدان على تبادل الثقافات وتحّدي اللهجات، فهذا أمر يدعو إلى الدهشة وننتمى لو كان موجودا قبل أن تدخل اوطاننا في حروب دموية من اجل شخصيات مريضة نفسيا.
هذه الثورة الإلكترونية، ولحسن الحظ، مارست دورها في تقريب الشعوب.
العالم الرقمي الذي أصبح محطة التقاء لا نهاية لها يتمازج فيه البشر مع معارفهم من شرق الأرض الى غربها وهذا ما عجزت عن تحققه السياسيات الدولية، والقومية في هذا السياق يقول الناشط السياسي مهتدى أبو الجود “تربط وسائل التواصل الاجتماعي ما بين قرابة نصف سكان العالم بالكامل هذا الامتزاج البشري الهائل صنع انقلاب فكري واجتماعي وسياسي، وهذه الوسيلة المثلى، التي وحدت العالم إنها جسدت خزانة الفكر البشري
وابداعاته.
إذ أصبحت الثقافة الرقمية، بأبعادها وسياقاتها المتنوعة والمنفتحة على الفضاء العمومي الرقمي، موردا مهما يوجه ميول الشباب ونظرتهم للعالم، فضلا عن تأطيرهم، وتحديد، وجودهم، وإيمانهم.
نعم سهولة الولوج في العالم الافتراضي وتصفح محتوياته والمشاركة في ما يتداول فيه اسهم قي اتساع هوامش الحرية في هذا الفضاء مما شجع الشباب على حرية التعبير والتنقل عبر المواقع والتفاعل اللامحدود مع القضايا المتداولة.
والواقع أن الثورة التكنولوجية والثقافية، وإن منحت للمجتمع معنى آخر فقد وضعتنا أمام صراع قوتين العولمة والهوية.
هذا الاندماج الشعبوي الذي عجزت عن تحقيقه سياسيات دولية وقومية كبرى ومؤتمرات عالمية، صنعتهُ ساحات منصات التواصل الاجتماعي.»
التغير الرقمي والتحديث هذا له أثارٌ سلبية إذ سرعان ما ظهرت (الدردشة السريعة)، وأصبحنا نفتقد حميمة الأسلوب الكتابي مثل أدب الرسائل الذي اختفى بمركزيته ودقتهِ.
بحسب الصحفي والكاتب أحمد الشيح ماجد الذي تابع: يعد أدب الرسائل وهو واحد من اجمل الصنوف الأدبية، التي اندثرت بسبب التقدم التكنولوجي والعالم الافتراضي فشبكات التواصل الاجتماعي فتحت عصرا جديدا يتميز بالانفتاح وتسهيل التواصل والاتصال بكل أشكاله، كما شكلت فضاء للنقاش والحوار والتفاعل بقدر كبير من الحرية، والواقع أن الشبكات الاجتماعية قد نالت اهتمام الشباب بشكل خاص، بفعل تلاشي الحدود والقيود السوسيو- مجالية.
كما سمحت المواقع الاجتماعية للأفراد بالانضمام إليها، وتكوين ملفات شخصية تمكنهم من التعارف والتواصل، وكذا التعريف بذواتهم وإمكانية تعزيز المكانة والعلاقات الاجتماعية.
ولم يعد هنالك صعوبة في الاتصال المادي كالذي شهدتهُ عصور ما قبل التكنولوجيا.»
إشراق سامي استاذة جامعية 38 عاماً تقول “أهم ما يميز هذه الثورة التي يشهدها العالم اليوم في مجال الاتصال وتكنولوجيا المعلومات، هو السرعة الكبيرة وهذا ما جعلنا قادرين على معرفة أهم ما في البعد الاجتماعي والثقافي في العالم الخارجي.»
وتضيف: “عالم التواصل الاجتماعي ألغى المسافات وجعلنا ننتمي لثقافة واحدة ولهجاتنا باتت مفهومة وصرنا نتعلم اللغات فضلا عن التنمية الفكرية.
أنه عالم جديد لو كان موجودا في خمسينيات القرن الماضي لما كنا على ما نحن عليه الان”.