بعد قراءتي المتأنية لقانون المساءلة والعدالة. ظهر بالوجه الشرعي, أنّ البعثي غير مشمول بهذا القانون, اذا كان بدرجة (مؤيد) , ويبدو – والله أعلم – أنّ قادة المساءلة يعرفون جيداً ان النظام الداخلي لحزب البعث يسمّي (المؤيدين والانصار المتقدمين والاعضاء المتدرّبين) جماهير الحزب, وأنّ البعثي هو (العضو العامل) فقط. أي الذي ردّد (قسم العضوية)، اما الان فاستطيع الاعتراف بأنّني كنت بعثياً بدرجة (مؤيد) من دون محاذير, ولو لم يكن الامر كذلك لما أقدمت على مثل هذا الاعتراف الذي يكسر الرقبة, ولزعمت أنّني كنت عضواً في الحزب الاسلامي او حزب الدعوة او كنت معتقلاً سياسياً وأمضيت في السجن قرابة اربعة ايام او خمسة!!
من المفيد التذكير بأنّني حين ارتبطت بالحزب كنت اسكن في القرية, فانا من عائلة فلاحية, وانتمائي الى البعث جاء بعد إلحاح شديد من المنظمة الحزبية, وإحراجها لي, ومن المفيد التذكير كذلك بأنني كنت الوحيد الذي يحمل شهادة الدراسة الاعدادية في القرية, ولهذا يخاطبني الجميع بمفردة (استاذ), حتى مسؤولي الحزبي (وهو خريج الابتدائية – محو الامية) كان يخاطبني في الاجتماعات بهذه المفردة، في حين يعمد الى مفردة (رفيق) مع اعضاء المنظمة الآخرين!! مسؤولي فلاح بسيط طيب, يحترمني جداً, ويعتمد عليَّ اعتماداً كلياً في تمشية الامور كلها (الحضور- الغياب – محضر الاجتماع) والرجل كان ابعد ما يكون عن طرح موضوع سياسي او ثقافي او اقتصادي .. فهناك على الدوام فقرة ثابتة لا يوجد غيرها, وتقدم بصيغة سؤال واحد لا يتغير (شنو الاخبار), ظاهرهُ اخبار القرية ومشكلاتها الخدمية والزراعية والاروائية... الخ, وباطنه, الوقوف على اوضاع المنطقة الأمنيّة, او ما اذا كان الفلاحون قد سمعوا شائعات او لاحظوا تحركات مريبة!!
علُق في ذاكراتي من احد الاجتماعات زعمٌ لفلاح ادعى فيه انه كان في بغداد. وبينما هو جالس في المقهى, سمع كلاماً غريباً تتهامس به مجموعة من الشباب حول حزب اسمه (الشعبيون), ولأنّ الاسم غريب فقد سألني المسؤول (ستاد يرحم والديك ... شنو هذا الحزب؟) اجبته (ربما المقصود به الشيوعيون) وأكمل الفلاح كلامه (هذولة الشعبيين .... ما ادري الشيوعيين, يقولون ان حزبهم سوف يؤسس أحسن دولة بعد ان يسيطر على العالم, يعني مثل ما سمعت, دولتهم ما بيها زواج ويصير من حق الرجل ان ينام ويه يامرية تعجبه بعد موافقتها, ومن حق المرة تنام ويه أي رجال يعجبها). وسأله المسؤول غاضباً (باعتبارك بعثي عندك مبادئ, شلون رديت عليهم ؟! ) . رد عليه ( تريد الصحيح رفيق ... الفكرة كلش عجبتني !! ) وضحكنا وانتهى الاجتماع, وبقيت وحدي مع المسؤول, فاذا به يفاجئني قائلاً: تعرف ستاد ... لو جماعتنا البعثيين يبطلون من كلاوات المبادئ... ويفكرون زين ... تره هذي احسن دولة... الواحد يعيش ملك!!