محمد شريف أبو ميسم
عندما تصب السياسة في سلة الاقتصاد، تتجلى ملامح المخرجات على مستوى الدخل القومي ودخل الفرد وما بينهما من مفردات وحلقات ذات صلة بالخدمات والرفاهية ومن قبلهما بيئة الأعمال.
وعبر عقود تماهى فيهما العقل الاقتصادي مع العقل السياسي، فتمخض عن هذا كيان ريعي يشتري المواقف السياسية، إذ كان الاقتصاد يصب في سلة السياسة من دون اعتراض من العقل الثقافي أو إشارة لخلل في توظيف الموارد والطاقات لصالح الماسكين بالسلطة، واستمر هذا النهج بوصفه حقاً لمن يتبوّأ الصدارة، حتى بات من المسلّمات في اللاوعي المجتمعي، ولم نشعر يوماً أننا خرجنا من نمطية توظيف الاقتصاد لصالح السياسة على الرغم من فضاء الحرية الذي تمتعنا به خلال عشرين عاماً، جرَّاء سلسلة الأحداث وقساوة المشهد الناجمة عن عوامل تدخل وتجاذبات سياسية متواصلة .
اليوم وبعد زيارة قام بها أمير دولة قطر إلى بغداد، أعلنت الحكومة عن توقيع لائحة نوايا مشتركة مع الجانب القطري تضمنت ستة بنود، خمسة منها في الجانب الاقتصادي بجانب عدد كبير من الاتفاقيات ومذكرات التعاون في مجالات التعاون الاستثماري والتجاري ولاسيما في طريق التنمية، وتشكيل فريق خاص لمتابعة المشاريع المشتركة المختلفة، ورفع مستوى التعاون الاستثماري والاقتصادي في مجال الطاقة (نفط، غاز، طاقة متجددة)، وتنشيط وتسهيل إجراءات الاستثمار والتنقل بين البلدين، وتعزيز التعاون في مجال المناخ والبيئة.
كما وقع الجانبان اتفاقيتين في مجالات النقل الجوي والنقل البحري، وعلى هامش الزيارة، جرى التوقيع أيضاً على عدد من مذكرات التعاون في مجال الطاقة تخص النفط الخام وتجهيز العراق بالغاز المسال، ومذكرة تعاون لتأسيس شركة نفط مشتركة وأخرى تخص إنشاء مصفى، وفي مجال الاستثمار جرى التوقيع على أربع مذكرات تعاون للهيئة الوطنية للاستثمار في العراق مع ثلاث شركات قطرية، منها مذكرتا تعاون مع شركة استثمار تعرف باسم “القابضة القطرية” في مجال تطوير المدن الجديدة، وبناء وتطوير الفنادق، بجانب توقيع اتفاقيات بين القطاع الخاص في العراق والقطاع الخاص القطري، كما تمت مناقشة المبادرات الإقليمية لتعزيز العلاقات بين دول المنطقة ومن بينها مشروع الربط الكهربائي.
وعلى أساس هذه الحزمة الكبيرة من الاتفاقيات ومذكرات التعاون، يمكن القول، إن ثمة رؤية جديدة أخذت طريقها بالاتجاه الصحيح لاستثمار الطاقات والموارد المتاحة بعيداً عن نمطية توظيف الاقتصاد لصالح السياسة، ومن المهم هنا أن تتسع هذه النوايا المشتركة مع دول أخرى ذات خبرات وطاقات يمكن أن تضيف لنا ولا تشكل عبئاً علينا، والأهم من ذلك هو اتخاذ الخطوات الصحيحة لوضع هذ الاتفاقيات والمذكرات موضع التنفيذ وبأقرب وقت.