الحرب والصفيح الساخن

قضايا عربية ودولية 2023/06/24
...

علي حسن الفواز

تتواصل الاجتهادات والتكهنات بشأن استمرار الحرب الروسيَّة الأوكرانية، والتموضع إزاء معطيات نتائجها، وفي سياق ما يتبدّى منها عبر الحلول العسكرية، أو عبر مدى نجاح أو فشل الدول الداعمة، أو المعارضة في التعاطي مع مجريات القتال، والعقوبات، وحتى مع ما يُسميه الأوكرانيون بـ"الهجوم المضاد".
التواصل يعني دخول أطراف وفواعل جديدة في الحرب، والتكهن يرتبط برسم أفقٍ للمتغيّرات التي باتت رهينة بمدى ما يتحقق على الأرض، أو بما ستتركه تلك العقوبات من تداعيات على اقتصاديات الحرب، وعلى طول طاقة التحمّل وعلى برامج الطاقة والغذاء، فضلاً عن علاقة ذلك بالجانب المفهومي لموضوع الهيمنة، والذي أشار إليه وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، بأنَّ الغرب يواصل عبر هذه الحرب الهوس بفكرة الحفاظ على تلك الهيمنة على العالم.
التهديد بتوسيع الحرب، يمكن أن يكون خياراً صعباً، وحتى دخول "دول غربية" إلى جانب أوكرانيا في صراعها سيجعل من روسيا أكثر اندفاعاً للمواجهة، وللتوسيع المضاد، وهو ما بدا واضحاً في تصريحات الرئيس الروسي بوتين بشأن دخول صواريخ "سارمات" الستراتيجية إلى الخدمة، وتزويد القوات المحاربة بها، فضلاً عن أنَّ أيّ تدخّل سيجعل مراكز القرار السياسي في أوكرانيا عرضة لهجوم واسع كما قال وزير الدفاع الروسي، وهذا ما يعني تغييراً في معادلات الصراع، وفي فرض قواعد اشتباك جديدة، تتجاوز ما هو نمطي، وما هو محدود في سياق النتائج والمعطيات، فبقطع النظر عن التصريح اللاذع للأمين العام لحلف الناتو ستولتنبرغ المعارض "لتجميد النزاع في أوكرانيا" فإنَّ الاندفاع إلى توسيع عسكرة الجبهات سيكون مدعاة للتعاطي مع خياراتٍ قد لا تتحمل أوروبا تأثيراتها العسكرية، ولا انعكاساتها الأمنية والسياسية والاقتصادية..
حرب التصريحات لن تكون واقعية، ولا أحسب أنَّ أحداً سيجعل منها "خارطة رمل" للحرب الواسعة، إذ بات الجميع يدركون خطورة البقاء على سطح صفيح ساخن، والانزلاق في لعبة حرائق الحرب المفتوحة، وفي التماهي مع نتائجها الكارثية، لاسيما أنَّ روسيا تنظر إلى هذه الحرب بوصفها مصيراً، ورهاناً على التخطيط لصياغة عالم متعدد الأقطاب، وأنّ أيّ إخفاق فيها سيؤدي إلى كوارث تتجاوز منطقة حرب الدونباس إلى ما عداها، فضلاً عما يعنيه ذلك من خضوعٍ إلى هوس الغرب ونظرته إلى " الهيمنة على الساحة الدولية وتطبيق قواعده الخاصة وإدامة سياساته التي تقوّض القانون الدولي" كما أشار إلى ذلك الرئيس البيلاروسي الكسندر لوكاشنكو.