بغداد: نافع الناجي
شهدت سماء العاصمة بغداد والمحافظات الأخرى، إرتفاع مبانٍ شاهقة لمجمعات سكنية عديدة جميلة وأنيقة المظهر، غايتها الأساس التخفيف من أزمة السكن التي تعاني منها البلاد، لكن الطريف أن هذه المباني تُسهم بشكلٍ أو بآخر في مضاعفة أعباء هذه الأزمة على المواطنين.
فهناك شقة سكنية تكفي لعائلةٍ صغيرة لا تتجاوز مساحتها 130 متراً، تعرض للبيع بمبالغ تصل إلى أربعمئة ألف دولار وهي تكلفة تفوق نظيراتها في لندن وباريس وبرلين.
أرقام تختصر ما يعانيه المواطن الذي يبحث عن سكنٍ في بلد ترتفع فيه الأسعار بشكلٍ جنوني إلى حد المبالغة، وسط غياب شبه تام للإجراءات الحكومية والرقابية، في الوقت الذي شكلت فيه الغالبية العظمى من المجمعات السكني فرصاً تجارية للمستثمرين من أجل جني أرباح خيالية تقدر بعشرات الملايين من الدولارات، نسبة إلى كلفة إنشاء تلك المجمعات.
وفي ظل الارتفاع المستمر لأسعار الوحدات السكنية الاستثمارية، طالب اقتصاديون الأجهزة الرقابية بفتح هذا الملف ومعالجة الإخفاقات سواء في العقود الاستثمارية أو عمليات البيع والشراء وبما يخدم السياسة الإسكانية والتخفيف من أزمة السكن الخانقة في البلاد.
ويقول الخبير الاقتصادي ميثم العبيدي لـ"الصباح": إن "معظم الأراضي التي تقام عليها المجمعات الاستثمارية تعود ملكيتها للدولة وتمنح للمستثمر بمبالغ رمزية أو حتى مجانية" .
وأضاف "غالباً لا تتمكن الفئات المستهدفة من الحصول على سكن لائق في تلك المجمعات بما يوازي مدّخراتهم، في ظل الأسعار الكبيرة التي تعرض فيها الشقق السكنية" .
من جانبه، يرى المحلل الاقتصادي إبراهيم عبد الله لـ"الصباح"، أن "السبب في ذلك هو هنالك نقص في العقود في جانب الاستثمار، يعني عندما تمنح الأرض للمستثمر والتي هي مجانية أو بأسعار زهيدة شبه مجانية، لكننا نلاحظ عند احتساب كلفة هذا المشروع السكني تكون قليلة قياساً إلى إلى ما يفرضه من أسعارٍ عالية على المواطن، تصل في بعض المشاريع أو الأبراج السكنية إلى 350 أو 400 مليون دينار" .
هيئة الاستثمار من جانبها شكلت لجاناً لمتابعة عقود بيع وشراء الوحدات السكنية الاستثمارية لمعرفة المتلاعبين بالأسعار، ملوّحة بفرض عقوبات صارمة على المخالفين تصل إلى سحب رخصة المشروع حسب القوانين العراقية النافذة.
المهندس عادل داخل الياسري مدير هيئة الاستثمار في المثنى، أوضح لـ (الصباح)، أن "المستثمر ملزم بالأسعار التي قدمها لدراسة الجدوى ابتداء، وبالتالي أي تغيير بالأسعار سوف يدخله بخانة الاحتكار أو المضاربة بأسعار الوحدات السكنية وهذا سوف يسبب له مشكلات قانونية" .
وأضاف "الهيئة معنية بمتابعة الأسعار وقد شكلنا لجنة لمتابعة المبيعات وكل العقود والمبيعات التي تمت بالمجمعات السكنية، وأي مجمع سكني يتجاوز أسعار دراسة الجدوى المقدمة والمصادق عليها يحاسب قانونياً وقد تصل المحاسبة إلى درجة سحب الإجازة من المشروع برمته" .