بيروت: جبار عودة الخطاط
أمضى الموفد الفرنسي الخاص جان إيف لودريان ثلاثة أيام في لبنان، من دون أن يرشح ما يرفع من منسوب التفاؤل قيد أنملة، في وقت أكد فيه معظم من التقاهم المسؤول الفرنسي بأن الأخير كان مستمعاً أكثر منه متحدثاً، وإنه سيعاود المجيء إلى بيروت بعد شهر بعد أن يضع القيادة الفرنسية في صورة الاشتباك السياسي الحاد لدى الفرقاء اللبنانيين وصعوبة الخروج من عنق الزجاجة
الرئاسية.
لودريان كان حريصاً على الابتعاد عن التصريحات الإعلامية، فيما تولى فريقا الاشتباك السياسي في لبنان التصريح بما كان يحمله لودريان في جعبته، وبرغم الاختلاف في رواية الفريقين بشأن الاستمرار في طرح باريس لمبادرتها (نواف سلام رئيساً للحكومة مقابل سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية) من عدمه، إلا أن كلاً منهما أكدا بأن زيارة لودريان تحمل طابع الاستطلاع لماهية الأجواء في بيروت بعد جلسة الأربعاء المعروفة للبرلمان اللبناني لانتخاب رئيس الجمهورية والتي انتهت كسابقاتها بالإخفاق بعد تمسك الفريقين
بمرشحيهما.
رئيس مجلس النواب نبيه بري، أفاد أمس السبت، بأنه أبلغ لودريان دوافع "الثنائي الشيعي" للتمسك بفرنجية، وأهمها أنه "صادق وصريح ويلتزم بكلامه"، وبشأن ما قيل من طرح لودريان ما سمي بـ"الخيار الثالث"، رد بري في تصريحه الصحفي: "أبلغته أن الحوار يحدد الأسماء"، مؤكداً أنه "غير صحيح أن لودريان طوى صفحة المبادرة، وأنه تخطى سليمان فرنجية"، كما نفى أن تكون الولايات المتحدة تعرقل انتخاب الرئاسة اللبنانية و"هي ستتعاون مع أي رئيس منتخب"، وأكد بري أهمية الحوار لتذليل الصعاب التي تعترض المسار الرئاسي.
بدوره أكد النائب عبد الرحمن البزري، خلال لقائه الموفد الفرنسي جان إيف لودريان في "قصر الصنوبر"، على "ضرورة الخروج من الأزمة السياسية من خلال حوار وطني بناء يهدف إلى إعادة تفعيل العجلة الدستورية والتنفيذية وإنهاء الشغور من خلال انتخاب رئيس جمهورية لديه رؤية وطنية حقيقية في الإصلاح"، وشدد البزري، "على ضرورة إعادة بناء الدولة على أسس سليمة تمنع تكرار المحاصصات التي أدت في الماضي إلى الأزمات المتكررة التي وقعنا فيها، وكان آخرها الأزمة التي نعيش والتي ندفع ثمنها كمواطنين".
في ذات السياق، ذكر وزير العدل السابق والنائب أشرف ريفي، أن "الأغلبية التقت لودريان، ونحن لنا ذكريات جميلة مع فرنسا التي حملت شعار الحريّة في الثورة الفرنسيّة، لذلك هي تعي أن من حق الإنسان تقرير مصيره والتمتع بحرية الخيار، الأمر الذي نقاتل من أجله"، ورأى أن "الفرنسي يحاول الخروج من المرشح الثنائي الذي سمّاه، خصوصاً أن المسيحيين يرفضون بأن يكون هذا المرشّح هو مرشّحهم، والأمر سيّان بالنسبة للسنّة الذين يرفضون السفير نواف سلام لأنه لا يمثلّهم، مع احترامنا لشخصيّته وأكاديميّته، إلا أننا نوّد في خضم هذه العمليّة الإنقاذيّة للوطن أن يمثلّنا رجال سياسة ودولة بكل ما للكلمة من معنى، باعتبار أن البلاد لم تعد لديها القدرة في تحمّل 6 سنوات إضافيّة من الأزمة التي تتخبط فيها الآن".
وأوضح ريفي، "أن الضيف الفرنسي، كان مستمعاً أكثر منه متكلماً، فوجّه سؤالين أساسيين: الأول طلب عبره توصيفاً للواقع فأسمعناه وصفنا في هذا السياق فيما أراد في السؤال الثاني معرفة رؤيتنا في كيفيّة الخروج من الواقع الراهن، فكان جوابنا واضحاً وبسيطاً: وجوب عقد جلسة انتخابات رئاسيّة وفقاً للدستور اللبنانيّ بدورات متتاليّة".
بينما نقل عن الموفد الفرنسي تحذير باريس لمن التقاهم من ساسة لبنان في لقاءاته المتعددة، بأنه "إذا لم تحصل خروق للأزمة الرئاسية والسياسية، فقد يتمدد الشغور الرئاسي إلى سنة وربما إلى نهاية ولاية البرلمان الحالي"، مع إشارته إلى أن "الوضع في لبنان لم يعد يحتمل كل هذا الانتظار ولا يمكن انتخاب رئيس من دون حدوث توافق".