اقتصاديات الضمان الاجتماعي للعمال

اقتصادية 2023/07/04
...

محمد شريف أبو ميسم

في نظام اقتصاد السوق لا يمكن خلق بيئة عمل صحيَّة وجاذبة للاستثمارات وخالية على قدر ما من فعاليات اقتصاد الظل والتهرب الضريبي بما يضبط سجلات المؤسسات الحكومية ذات الصلة، ما لم تنتظم علاقات السوق، ومن بين أهمِّ عناصر السوق الأيدي العاملة، التي تحتاج إلى حزمة من القوانين ذات الصلة ببيئة العمل والضمان الاجتماعي وبما يضمن للعاملين حقوقهم خلال فترات العمل ومراحل الخدمة وصولاً للحقوق التقاعدية التي تبعث الطمأنينة عند العاملين وتشجعهم على الالتزام والاستمرار في ظل علاقة إيجابية مع أرباب العمل.
على هذا الأساس كانت سوق العمل بحاجة ماسة لتشريع “قانون التقاعد والضمان الاجتماعي للعمال” بهدف جعل الوظائف في القطاع الخاص على درجة من المقبولية لقوى العمل الضاغطة على القطاع العام. ويمكن القول إنَّ هذا القانون بداية حقيقية لاقتصاد تنتظم فيه سوق العمل ويقوده القطاع الخاص، فضلاً عمّا سيحققه من إيرادات مالية لصندوق التقاعد، إذ ستسهم الدولة بنسبة 8 بالمئة للعاملين في القطاع المنظم ويتولى أصحاب العمل والعاملون دفع النسبة المتبقية من التأمينات التقاعدية البالغة 25 بالمئة من الراتب الشهري، فيما ستتولى الدولة دفع 15 بالمئة بالنسبة للعمل الاختياري غير المنظم، ويتولى صاحب الطلب دفع 10 بالمئة من الراتب الشهري.
ومن ميزات هذا القانون أنه سيتيح لمن أراد راتباً تقاعدياً وليست له خدمة في القطاع الخاص أن يشتري الخدمة بدفع التوقيفات التقاعدية للسنوات التي يقررها بوصفها سنوات عمل للإحالة على التقاعد، فضلاً عن توفير التأمين الصحي واحتساب خدمات العاملين والموظفين في القطاع الخاص لأغراض العلاوة والترفيع والتقاعد، وتسهيل انتقال العاملين بين القطاعات (العام والخاص والتعاوني والمختلط) مع حماية الحقوق المترتبة على هذا الانتقال.
وبناءً على ما تقدم، فإنَّ هذا القانون سيكون أداة ملزمة لتسجيل مشاريع القطاع الخاص بما فيها الصغيرة والمتوسطة في سجلات الضريبة العامة، إذا ما تكاملت معه المبادرات الحكومية بشأن تقديم التسهيلات المصرفية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة بشرط التحاسب الضريبي، إذ سيكون العاملون في المشاريع غير المسجلة أداة ضغط على أرباب العمل لتسجيل مشاريعهم وبخلافه فإنَّ العاملين الراغبين في الضمان الاجتماعي سيرفضون العمل في المشاريع غير المسجلة، وبالتالي دخول أعداد كبيرة من المشاريع الصغيرة والمتوسطة في سجلات الضريبة العامة ووضع حد للتهرب الضريبي في هذا النوع من المشاريع، ومن هنا يمكن أن تتكامل بعض الحلقات بمجرد اكتمال حلقة واحدة أو أكثر.