علي حسن الفواز
ما يحدث في مدينة جنين ومخيمها يكشفُ عن طبيعة الإرهاب الإسرائيلي، وعن وحشية العنف الذي يمارسه الجيش وقوات الأمن، وبكثافة تندرج ضمن عمليات سياسة تكريس الاستيطان العنصري، وفرض ستراتيجية القوة المفرطة، مع تأييد أميركي مفتوح أشار إليه المتحدّث باسم مجلس الأمن القومي بالقول « ندعم أمن إسرائيل وحقها في الدفاع عن شعبها» وهو مايعني إعطاء الضوء الأبيض للعدوان، وسط فرجة دولية تتردد في إدانة العملية العسكرية الإسرائيلية على جنين ومخيمها.
فرض ستراتيجية العنف الأمني والعسكري، والنزوع إلى توسيع مديات الاستيطان في الأراضي المحتلة، لا يعني سوى الإمعان في ممارسة الرهان على العدوان المستمر، بوصفه «عنفاً ممنهجاً» وجزءا من سياسة الكيان الإسرائيلي، ومن توجهات أهدافه القائمة على تغذية هذه الممارسات بالتطرف السياسي والكهنوتي، وتحت يافطة الحفاظ على هوية «الدولة العبرية» والتصدّي للمقاومة الفلسطينية، وهو مايدفع إلى تغويل سياسة هذا العنف وإجراءاته، عبر اختيار الأهداف المدنية، أو ما يخصّ البنية التحتية، فضلاً عن قصف البيوت والممتلكات العامة بالطائرات والمدفعية.
العدوان على جنين ليس بعيداً عن طابعه السياسي، ولا عن المشكلات التي تواجهها حكومة «نتنياهو» التي تعاني من تداعيات الرفض الواسع لـ»التعديلات القضائية»، والتي تنعكس على سوء إدارته للملفات الأمنية، فما يجري جعله أكثر حرجاً في مواجهة أزمته الداخلية، مما دفعه إلى البحث عن ترميمات سياسية وأمنية، وعن عمليات عسكرية توهمه بتحسين صورته المشوهة أمام الرأي العام، وفشله في مواجهة تصاعد النضال الفلسطيني في غزة وفي الضفة الغربية المحتلة..
عدم تحقيق نتنياهو لأهدافه، وتصدي المقاومين للعدوان، رغم ارتفاع أعداد الشهداء والجرحى، يضع علامة استفهام إزاء استمرار هذه الحماقة الإسرائيلية، وعن مدى الأهداف التي تريد تحقيقها، لاسيما وأنَّ القوات المشاركة في العدوان ضمت وحدات النخبة من الجيش والشاباك والمستعربين والاحتياط، فالفشل الأمني يعني فشلاً سياسياً، مثلما يعني تفويضاً للمقاومة الفلسطينية في فرض خياراتها، على مستوى مواجهة هذا العدوان، بإرادة صلبة، وعلى مستوى مسؤولية الدفاع عن حقوق تاريخية ووطنية، فضلاً عن العمل على إفشال المشروع الاستيطاني الكبير ومنع تحقيق أهدافه العدوانية.