الغيرة.. دليلُ حبٍ أم تملك.. أم عقدة نفسيَّة؟

منصة 2023/07/06
...

هناك من يرى أنَّ الغيرة هي المؤشر الحقيقي للحب، وهناك من يرى أنَّها مؤشرٌ أنانيٌّ عن التملك، وهناك من يرى أنَّها عقدة نفسيَّة تعّبر عن الشعور بالنقص، وهناك من يرى أبعد وأخطر من ذلك، إنَّها تصنع من الحبيب قاتلاً، سواء كان المصاب بها رجلاً أم أمرأة.
ولقد سألنا عدداً من السيدات فكانت إجاباتهنَّ كالآتي:
- الزوجة اللي ما تغار على زوجها معناها ما تحبه.
- الغير حلوة.. إذا ما تجيب بلوى.
- يعجبني وارتاح جداً أشوف زوجي يغار علي.
بينما كانت إجابات عددٍ من الأزواج كالآتي:
- ما منغص حياتي بالبيت غير غيرة زوجتي.
- الغيرة لطيفة إذا كانت خفيفة.
- غيرة زوجتي عليّ تشعرني بحبها لي.
هذا يعني أنَّ الحب من دون غيرة (بارد، ما بيه طعم) وأنَّ معظم الأزواج والزوجات يريدون أنْ يغار أحدهما على الآخر؛ لأنها هي التي تجعل أحدهما يشعر بقيمته عند الآخر، بينما يرى آخرون أنها تنغص الحياة، لا سيَّما الرجال الذين يشكون علناً (آخ من غيرة النسوان).

لنحلل الحالة سايكولوجياً
الغيرة يا أحبتنا نوعان، صحية: حين يرتاح لها الطرف الآخر، وتثير فيه مشاعر الحب والإحساس بقيمته، ومرضية: حين تسببُ للآخر إزعاجاً ويطلب منه أنْ يتوقف عنها. وهذا النوع المرضي نسميه (الغيرة العصابية) التي تعبّر عن الحاجة الى التملك.
تشيع هذه الغيرة بين النساء أكثر؛ ذلك أنَّ الزوجة في مجتمعنا تكون معتمدة اقتصادياً واعتبارياً على زوجها، وتكون مسكونة بالقلق خوفاً من أنْ تأخذه واحدة أخرى. وتشيع أكثر بين الزوجات اللواتي تعوزهنَّ الثقة بالنفس، ويؤمنّ بأنَّ الرجال لا يؤتمنون وخاصة بزمن الفيسبوك والانستغرام، ولهذا تكون الواحدة منهنَّ في حالة انذار دائم: تفتش جيوب زوجها وتشمشم سترته (والآن الماسنجر والواتس آب)، تراقبه بعين الراصد القناص. والزوجة المصابة بهذه الغيرة يثير فيها الشك أكثر من علامة استفهام إذا ارتدى زوجها قميصاً جديداً وربطة عنق حمراء وتأنق، أو وضع عطرًا مميزاً وخرج لوحده، فتضعه في قفص الاتهام حتى لو كان بريئاً، وتتحول - من دون أنْ تدركَ - من زوجة وحبيبة الى شرطيَّة ومحققة تدقق بالتفاصيل وتضخمها، الأمر الذي لا يطيقه الزوج فيكون أمام خيارين: إما أنْ يعيشَ حياة الجحيم معها من أجل عيون الأطفال، أو أنْ يحسمها بالطلاق، فينهار بيت الزوجية. والأخطر من ذلك، أنَّ الزوجة المصابة بالغيرة العصابيَّة قد تتطور لديها الحالة فتصل الى القناعة بأنَّ زوجها (خائن) وأنَّ عقوبته (الإعدام) فتقدم على قتله، أو قتل نفسها للتخلص من حياة ما عادت تطيقها، ويحصل أنْ يقومَ الزوج المصاب بالغيرة العصابيَّة بقتل زوجته.. ويا ما حصلت.
ونرى نحن السيكولوجيين أنَّ الغيرة في حقيقتها لا علاقة لها بالحب، إنَّما تتعلق برغبة الشخص في تقوية ذاته الهشة عن طريق الحصول على الاهتمام الكامل من شريكه، وأنْ يكون هذا الاهتمام على مدار الساعة، بل إننا نصف الشخص الغيور (زايد).. بأنه أنانيٌّ الى أقصى درجة، وعقله شغال بأنَّ في الأمر إنَّ، إنْ تأخر الزوج في العمل. والمفارقة أنَّ الشريك إذا استحال عليه أنْ يقنع شريكه ببراءته فإنَّه سيذهب فعلاً ويقيم تلك العلاقة.
قد تتفقون أو تختلفون بشأن ما قلناه، لكننا على يقين أنكم ستقولون (تمام) إنْ قلنا إنَّ الغيرة مثل ملح الطعام، من دون قليلها تكون الحياة الزوجية (فاهية)، بينما الكثير منها كما لو تملأ
الطعام ملحاً.