الشمول المالي وثقافة الثقة

اقتصادية 2023/07/06
...

ياسر المتولي

فِي قراءة  تحليلية نقدية لمشروع مهم في تصحيح الصورة المشوهة المرسومة عن المصارف  العراقية الحكومية والخاصة ألا وهو مشروع الشمول المالي الذي شرع البنك المركزي بتنفيذه مؤخراً .
والسؤال كيف نسهم بنجاح المشروع  ؟
لغرض التحليل لا بد من تعريف بسيط لمفهوم الشمول المالي حيث يعرف بأنه هو حجم  انتشار  الخدمات المصرفية   إلى أبعد منطقة نائية في بلد بعينه ليشمل أغلب شرائح وفئات المجتمع
والهدف الأهم في هذا المشروع هو نشر الثقافة المصرفية بما يحقق الاستخدام الأمثل للثروة ويسهم في تنظيم ميزانية الأسرة.
من متطلبات ضمان ذلك هو كيفية إيصال الخدمات المصرفية أول ما يذهب إليه التفكير هو عبر انتشار فروع للمصارف لسد حاجة السكان، هناك  معدلات عالمية لتحديد عدد المصارف وفقاً  للنسبة  السكانية .  إن هذه القاعدة غير مطبقة  في الوقت الراهن والسبب  لما تعرضت له المصارف من تحديات موروثة  وصعوبات لاحقة أفقدتها قدرتها على  تقديم منتجاتها وخدماتها المتنوعة  .
الحالة المشخصة لنتائج تللك الظروف هي  فقدان الثقة بين المصارف وزبائنهم باتت عقدة كأداء  في طريق أداء المصارف .
بمرور الزمن تحقق  الاستقرار النسبي للمصارف وعادت الثقة تدريجياً بينها وبين الزبائن  نتيجة قرارات وسياسات نقدية صحيحة. ثم بدأ مشوار تنفيذ مشروع الشمول المالي يظهر على السطح وفي تقديري ان ما تحقق من منجز في هذا المشروع لا يزال متواضعاً ولا يرقى لمستوى الطموح والهدف.  صحيح أن العراق يمتلك عدداً لا بأس به من المصارف لكن العبرة  ليست  بالعدد وإنما بحجم الخدمات والمنتجات التي تقدم للجمهور.
هنا يتطلب ومن خلال هذه المقاربة وقفة تقويمية جادة لما مطلوب لتكون الإجابة دقيقة عن السؤال هل تستطيع المصارف تحقيق أهداف الشمول المالي؟
الجواب وبواقعية وقناعة مستندة الى تجربتي الكبيرة في متابعة الشأن المصرفي لا زالت مصارفنا ليست بالمستوى المطلوب، مالحل؟
يتعين على المصارف إعادة النظر بمجمل أنشطتها وخدماتها المصرفية وتخطي عقبات التلكؤ الذي أصابها جراء اعتمادها على نافذة العملة نشاطاً أوحد وتركها لأهم حلقات الخدمات المصرفية .
 وبهدف تنفيذ مشروع الشمول المالي فعلياً  لا أن يبقى شعاراً للتسويق الإعلامي يتعين على المصارف استثمار الفرصةالثمينة  التي وفرها البنك المركزي بتقديمه   الدعم لتنشيط أداء المصارف عبر قررات وإجراءات مهمة منها  تأسيس شركة ضمان القروض وقبلها  إنشا شركة  ضمان الودائع وتوسيع نشاطها .
وتوجت  بقررات أربعة جديدة  تضمنت   إطلاق ستراتيجية القروض وإنشاء بنك ريادة للتنمية الاجتماعية وإنشاء مركز مالي مرموق وإصلاح المصارف الحكومية وهيكلتها، هذه الامتيازات كفيلة بتنشيط أداء المصارف وعودة منتجاتها وخدماتها وتعميق الثقة بها .
يأتي هذا والعراق مقبل على ثورة تنموية هائلة ومن متطلباتها بنوك رصينة تمتلك ملاءة مالية وخبرات وكفاءات  بشرية .
وهنا دعوة مخلصة لبعض المصارف  المتلكئة والتي تجد صعوبة في بلوغ رأس المال  المقرر  وبحسب ظني أن هناك قراراً بمضاعفة رؤوس أموال المصارف مجدداً والذي يعد ناقوس خطر، ضرورة البحث عن وسائل لتحقيقها إما عن طريق إيجاد شركاء أجانب ومن المحيط العربي والإقليمي أو الاندماج لتقوية مراكزها المالية   تحذير وتنبيه هدفه إيجاد الحل الأسلم .
بذلك  نحقق الطموح المؤمل من مشروع الشمول المالي ونعزز ثقافة الثقة.